في ملف قانون الإنتخابات النيابية هناك اتجاه إلى تقسيم العاصمة بيروت إلى دائرتين، الدائرة الأولى وهي تشمل (الأشرفية – الرميل – الصيفي – المدور – المرفأ) وتضم ثمانية مقاعد للنوّاب المسيحيين، والدائرة الثانية وهي تشمل (رأس بيروت – دار المريسة – ميناء الحصن – زقاق البلاط – المزرعة – المصيطبة – الباشورة) وتضم تسعة مقاعد للنوّاب المُسلمين ومقعدين للنوّاب المسيحيين.
إنّ تقسيم بيروت إلى دائرتين بالشكل المُقترح يَحرِمُ حوالى إثني عشر ألف ناخب سُنّي وشيعي من انتخاب مرشّحين عن طائفتهما، والأمر سيّان في الدائرة الثانية حيث يُحرم ما يُقارب أحد عشر ألف ناخب ماروني وكاثوليكي. إذاً، هذا الطرح مُجحِف بحق عددٍ من الناخبين ويتعارض مع روح الدستور والعيش الواحد في بيروت.
بل أكثر من ذلك، هذه الصيغة تُعزِّز الطائفية السياسية مناطقياً وتُناقض إتفاق الطائف الذي يُنادي بإلغاء الطائفية السياسية والتوصّل إلى الدولة المدنية. وهي عودة مُقنّعة إلى نغمة التقسيم التي عانى منها لبنان الأمرّين، والتي من شأنها ضرب وحدة العاصمة بيروت التي هي رمز وحدة لبنان، فلم تكن بيروت يوماً طائفية، ولن تكون كذلك، لأنّها عاصمة الوطن الحاضنة لكل اللبنانيين، ووحدتها بالنسبة للبيروتيين كانت وتبقى فوق أي اعتبار سياسي أو طائفي، وبمعزل عن أي اصطفاف.
وعليه، فإنّ نوّاب بيروت مُطالبون بحفظِ العيش المُشترك والإبتعاد عن التقسيم الطائفي في لبنان عامةً والعاصمة بيروت خاصةً، وذلك يقتضي منهم أن يعتمدوا بيروت دائرة إنتخابية واحدة موحّدة في القانون الإنتخابي المُزمع، وبذلك تُشارك كلُّ مكوّنات المدينة في إنتخاب نوّابها دون الوقوع في شُرك التقسيم، فمن دون وحدة المُسلمين والمسيحيين لن يكون وطن ولن تكون بيروت.