أمس مرَّت الذكرى الواحدة والأربعين لاندلاع الحرب، لكن مع ذلك، في 13 نيسان 1975 لم يكن الوضع أسوأ مما هو عليه اليوم:
لم يكن قصر بعبدا شاغراً.
لم تكن الحكومة مستقيلة وغير مستقيلة، مسؤولة وغير مسؤولة.
لم يكن مجلس النواب مقفلاً.
لم تكن النفايات مالئة الطرقات والأوتوسترادات والوديان وتحت الجسور وعلى الشطآن.
لم تكن الأوبئة متفشية إلى هذا الحد.
لم يكن البعوض والبرغش يقتحم أنفاسنا.
لم تكن عندنا وزارة بيئة ولا وزير بيئة، لكن بيئتنا كانت أنظف.
لم تكن هناك مولِّدات كهرباء في الأحياء ولا تقنين ولا انقطاع للتيار، بل كنا نبيع كهرباءً إلى سوريا.
***
لم يكن عندنا أوتوسترادات أكثر لكن كانت عندنا زحمة سير أقل.
لم يكن عندنا مجلس إنماء وإعمار لكن وضع الطرقات كان أفضل.
قبل واحد وأربعين عاماً كنا القدوة فصرنا التابعين:
كنا جامعة الشرق الأوسط فسبقونا في جامعاتهم.
كنا مستشفى الشرق الأوسط فصارت الفضائح على أبواب المستشفيات.
كنا صحافة الشرق الأوسط فصرنا نعدّ أيام صدورنا.
كنا فنادق الشرق الأوسط فصرنا الفندق الذي يقفل غرفه.
كنا مطار الشرق الأوسط، فصار مطارنا، وللأسف، مثال التندر.
***
في 13 نيسان 1975 كان في لبنان حديقة سلاح فأصبح اليوم غابة سلاح، كانت الإدارة تخاف الله في الحد الأدنى، أما اليوم فإنَّ أصغر موظف لا يخاف أحداً.
في 13 نيسان المذكور كان عندنا دولة متينة حاولوا تفكيكها. اليوم لا ضرورة لمحاولات التفكيك لأنها مفككة أصلاً.
***
إذا نظرنا من حولنا في 13 نيسان 2016 فماذا نجد؟
حكومةٌ تنقل بنداً من جدول الأعمال من جلسة إلى جلسة، ورئيس حكومة لا يعرف كيف يبتُّ ملفاً متفجراً هو بند جهاز أمن الدولة.
التفرج على أمن المطار وهو يتهاوى بسبب عدم معالجة الثغرات، عن سابق تصور وتصميم، من دون أن يدل أحدٌ على المخاطر باستثناء وزير الداخلية نهاد المشنوق.
مواد غذائية غير مطابقة، أدوية منتهية الصلاحية، قمح مسرطن، خضار بدأت تسبب الأمراض المعوية لأنها تُغذى بكيماويات النفايات.
هذا غيضٌ من فيض، فلماذا نعتبر أنَّ 13 نيسان 2016 أفضل من 13 نيسان منذ واحد وأربعين عاماً؟
لا، الأمر ليس كذلك على الإطلاق، كان البلد في وضعٍ أفضل، لسبب بسيط وهو:
انه كان هناك بلد. اليوم إذا نظرنا من حولنا فماذا نجد؟
نجد مجموعة دويلات عملية وليست رسمية. لأنها عملية موجودة وتتصرَّف وفق منطق الأمر الواقع… ومَن القادر على إيقافها؟
بالتأكيد لا أحد، لأن شبكة مصالحها باتت تغطي الكثير من القوى التي توفر الغطاء لها.
***
13 نيسان 2016، واقعٌ سيئٌ جداً لذكرى لا تُنسى.