عزّز الكشف الأردني عن شحنة سلاح تمّ إرسالها عبر الحدود العراقية مع الأردن إلى عناصر تخريبية أردنية، المخاوف من وجود قرار إيراني، بتحويل الأردن إلى عراق أو لبنان أو يمنٍ آخر، وهو طموح قديم، كان استبقه الملك عبدالله بن الحسين، منذ سنوات طويلة، بالإعلان عن وجود مخطط لهلال شيعي، تعمل له وتقوده طهران، لتوظيفه في خدمة مشروعها للسيطرة على أوراق أساسية في المنطقة، وبالتالي نيل اعتراف أميركي، بأنّها أصبحت قوة إقليمية لها الحق بالحفاظ على مكاسبها ونفوذها، والجلوس على طاولة الكبار، عبر استعمال الدول الضعيفة وتفكيكها وتوظيفها باسم المقاومة والممانعة.
تستحضر خلية الأردن، ما جرى في الكويت، حيث استطاعت إيران عبر وكلائها، أن تُدخل السلاح بالأطنان، وتمّت تخبئته في مزرعة العبدلي بانتظار الساعة الصفر، التي تطلق فيها طهران صفارة البدء بهزّ استقرار الكويت، وابتزازها، في أسلوب تمّ اختباره في لبنان والعراق وسوريا واليمن، وحقّق نجاحات كبيرة لنظام الملالي، وأدّى في الوقت نفسه، إلى تمزيق هذه الدول وشعوبها، وتصفير مستقبلها، وتعميم النكبات التي تفوق نكبة 1948 كارثية.
منذ سنوات تقود طهران مخطط زعزعة استقرار الأردن. بدأ المخطط بمحاولة تحويل هذا البلد إلى ممرّ لتصدير الكبتاغون، وتطوّر إلى محاولة تخزين السلاح، وكلّ ذلك ترافق مع حملات لتحفيز الغرائز، والتلاعب على وتر فلسطين، وتحريض الإسلام السياسي على القيام بالمهمة الخطرة، التي لن ينتج عنها إلا تحويل الدول الوطنية إلى كيانات فاشلة اقتصادياً وسياسياً.
تصاعدت خطط إيران كماً ونوعاً إثر عملية طوفان الأقصى، ففي موازاة اللعب على وتر فلسطين وغزة، وتأليب الشارع الأردني على دولته، جاء الكشف عن تهريب السلاح ليؤكّد أنّ مخطط طهران بدأ يسلك منحى عملياً، مستظلاً وهم فتح جبهة جديدة عبر نهر الأردن، ومحاولاً الإطاحة بكل ما راكمه الأردن من استقرار سياسي، ومحاولات انتعاش اقتصاديّ.
ليس من المستبعد إذا تيسّر لهذا المخطط أن ينجح أن يولد في الأردن «حوثيون» و»حزب اللاهيون» و»حشديون»، وأن يعطوا لأنفسهم صفة المقاومة، لكنّ هذا الاحتمال لن يتحقّق بسهولة، وما على طهران إلا أن تتذكّر أنها تواجه تجربة طويلة عبر فيها العرش الهاشمي من حقل ألغام إلى آخر، وأبرز تلك التجارب أحداث أيلول في العام 1970 التي استطاع فيها الملك حسين أن يستعيد زمام المبادرة، وأن يحسم ازدواجية السلاح، وأن يؤسّس لاستقرار طويل الأمد.
إيران تطمح إلى ضمّ الأردن إلى أوراقها الرابحة، لكن ما ستواجهه سيكون مختلفاً عن بقية الدول التي مزّقتها باسم المقاومة، والجواب يبقى ملك التاريخ الذي لم تطوَ صفحاته بعد.