IMLebanon

مار مطانيوس كبّ قبّوعتو بالبحر

 

 

ترتبط الأمثال الشعبيّة في المدن البحريّة (مدينة الميناء شمالاً، مثالاً) بحركة الطقس حيث مصداقيّة قراءة الدلالات الطبيعيّة وفهم مدلولاتها الثقافيّة عن الطقس وتحوّلاته. من هنا فإنَّ صيّادي البحر يميّزون 3 نوّات (عواصف قاسيّة يمتنعون فيها عن الخروج إلى الصيد)، منها نوّة 17 كانون الثاني حيث يقوم بحسب التقليد الشعبي القديس مار مطانيوس الذي يصادف عيده في التاريخ نفسه بكَبّ «قبّوعتو» [قلنسوته] بالبحر ليهدأ، وتكون النوّات اللاحقة عادية.

 

من هنا تبرز الملاحظة في أنّ روزنامة البحّارة للطقس مرتبطة في كثير من مفاصلها الأساسيّة بمناسبات روزنامة الكنيسة الشرقية، من الأمثلة:

 

– «نَوّ» الميلاد أو «نوّة» الميلاد إذ تهبّ هذه العاصفة بين عيدي الغطاس والميلاد.

 

– «نوّة» الحصون أو مستقرضات الروم، وهي «نوّة» يقول الصيادون عنها إنّها في الغالب عاصفة هوجاء، تستمر لمدّة 7 ايام ما بين نهاية شباط وأوّل آذار.

 

– «نوّة» عيد مار مطانيوس في 17 كانون الثاني، التي لا تهدأ، وفق المعتقد الشعبي، إلّا بعد أن يرمي هذا القديس قبعته في البحر ليهدأ.

 

من هنا يطلق على شهر كانون الأوّل: كانون الأجرد، وعلى كانون الثاني كانون الأصمّ، وذلك لشدّة عواصفه وضجيج أمطاره. لذلك كرّت الأمثال «الكانونية»: بكانون الثاني الأصم، اقعد ببيتك وانطَم/ أبرد من برد كوانين/ أظلم الليالي كانون/ إلي بيسافر بكانون بيكون مجنون/ برد كوانين بيخَزّق المصارين/ بكانون الثاني، كِن ببّيتَك، ما فيك تروح عند خَيتك/ بكانون كتّر النار بالكانون/ بكانون كِن ببيتك وكَتّر حطبك وزيتك/ كانون فحل الأرض (الشتي).

 

من الواضح أنّ الأمثال جاءت نتيجة الثبات الموسمي للطقس الذي تمّ ربط دينامية حراكه بأعياد ثابتة لقديسين، بمواسم، بعناصر طبيعيّة، ما سَهّل عمليّة تناقل الخبرات والمعارف جيلاً بعد جيل من خلال ثقافة الشفاهة والتجارب المعيشيّة المتشابهة في طلب الرزق، وفي أساليب السعي التقليديّة والمتوارثة.