IMLebanon

عرسٌ وسط الدخان

 

 

هي فسحة بياض وفرح رسمَها عرس طوني فرنجية في وقت تشتعل الدواليب في الطرقات مع احتراق جيوب الناس بنار القلة والدولار، وتبخر آمالهم مع تراكم الغيوم السود مثقلة صدر اللبنانيين المكتوين بتردي الوضع الاقتصادي ورداءة أكثرية الطقم الحاكم.

 

وللاحتفال الشعبي بعرس النائب الشاب أكثر من معنى يمكن للشباب اللبناني الاستفادة منه والبناء عليه في اطار التصرف الرشيد والسعي لقيام دولة حديثة تحترم حرية المعتقد والحريات الفردية، رغم ان الوقت اليوم لمعالجة حالة ما قبل الانهيار الناجمة عن تفاقم الفساد والهدر بالتوازي مع تسليم السيادة والقرار والتعدي على حرية الاعلام والاعتراض.

 

فوريث احدى الزعامات المارونية الأساسية و”مردة” الشمال سجّل فتحاً على مستويات عدة:

 

أولها انه تزوج زواجاً مدنياً من غير طائفته مخترقاً التقاليد التي تدفع هذا النوع من الزعامات الى مسايرة القاعدة وعدم الخروج عن ثوابتها ومحرماتها. وفي ذلك تأكيد على رسوخ هذه الزعامة وقدرتها ليس على تجاوز الشكليات فحسب، بل على أخذ مبادرة تكسر التابوهات.

 

وثانيها انه احترم ارادة شريكته وبيئتها بالتمسك بخصوصيتهما، فتعامل معهما بمساواة وندية جندرية واجتماعية على السواء رغم ان موقعه السياسي يتميز عن موقع رجال الأعمال الأثرياء.

 

وثالثها انه أشرك مواطنيه ومؤيديه بفرحه الشخصي. وسجّل انه في زمن الضائقة الاقتصادية وشح الدولار لم يتفاخر باحتفالات باذخة في لبنان ولا أقام عرسه في الخارج داعياً اليه مئات الأشخاص.

 

تعطي خطوة النائب فرنجية درساً للسياسيين والنافذين والموظفين وأبنائهم، ودفعاً حقيقياً للمجتمع المدني المطالب بقانون مدني اختياري للزواج يحترم ارادة كثيرين يعتبرون انفسهم مواطنين قبل ان يكونوا أتباع طوائف ومذاهب، وبالتالي فان لهم “حرية المعتقد المطلقة” التي كفلها الدستور والتي يحرمون من ممارستها في الأحوال الشخصية على الأراضي اللبنانية.

 

قبْل طوني فرنجية كثيرون تزوجوا مدنياً في الخارج من غير طوائفهم، أو تزوجوا دينياً من غير طوائفهم فتبعت النساء الرجالَ سواء الى الإكليل أو الى “كَتْب الكتاب”. لكن جرأة طوني فرنجية مميزة في هذا الاطار ويبنى عليها في مواجهة التقاليد البالية والتعصب الأعمى، أو ببساطة، عدم مواكبة العصر والتطورات.

 

مبروك لطوني فرنجية ولين زيدان. وبالرفاه والبنات والبنين على السواء.