لا مواعيد مقدسة، كما اكدت تجربة التفاوض على الملف النووي بين ايران ومجموعة ٥١. ولا حسابات تتقدم على التحسب لما يدور بين اميركا وايران. فالاثارة تزداد في الاسبوع الاخير الفاصل عن الموعد المحدد لتوقيع الاتفاق النهائي، وان بدأ التمهيد لتجاوز المهلة من اجل اتفاق جيد كما قيل. وليس اكثر من رهانات الرئيس باراك اوباما والرئيس حسن روحاني على توقيع الاتفاق سوى رهانات بيروت وبعض عواصم المنطقة والعالم على اليوم التالي للتوقيع. ولا اكبر من الرهانات على ان يساهم الاتفاق في فتح ملفات مغلقة سوى المخاوف في بعض عواصم المنطقة من ان تخسر اشياء في التغيير الجيوسياسي المفترض.
ذلك ان خطاب الحرص في كل من واشنطن وطهران على الفصل في المفاوضات بين المسار النووي ومسار الصفقة الاقليمية لم يقنع احدا. لا بين المراهنين على النظام الامني الاقليمي الجديد، ولا بين الخائفين منه. فالكل يعرف ان المفاوضات العلنية بين كل الاطراف كانت ترافقها مفاوضات سرية ثنائية بين مسؤولين اميركيين وايرانيين. واذا جرى التسليم، من باب الافتراض، بالفصل بين المسارين، فان الاتفاق على المسار النووي يحتم بدء البحث في مسار النظام الاقليمي. ولم يكن في اتصالات واشنطن مع حلفائها واتصالات طهران مع حلفائها اي نقص في تصور كل منهما لصورة النظام الأمني الاقليمي.
وليس خارج المألوف بروز مواقف متصلبة في المسافة الأخيرة على طريق المرونة في التفاوض. فالمرشد الأعلى علي خامنئي يعيد رسم الخطوط الحمر: رفع العقوبات فور توقيع الاتفاق، لا لتفتيش المنشآت العسكرية، ولا لإستجواب علماء نوويين. وأوباما الذي يواجه اعتراضات داخلية وخارجية يوحي انه يريد اتفاقاً يغلق أي نافذة لانتاج سلاح نووي ولو بعد سنوات، وان موقفه من سياسات ايران الاقليمية لم يتغيّر. وفرنسا تقف على يمين أميركا مصرّة على اتفاق صلب حسب وزير الخارجية لوران فابيوس.
والسؤال هو: هل تسدّ هذه المواقف الباب على توقيع الاتفاق النووي أم انها نوع من الحماية المسبقة للاتفاق والموقعين عليه؟ وهل تغامر واشنطن أو طهران بالتخلي عن الاتفاق وما يقدمه من مكاسب؟ اللعبة دقيقة جداً بالنسبة الى العاصمتين. والانطباع في كواليس المفاوضات، بصرف النظر عن اللهجة على المسرح في الكونغرس الأميركي أو مجلس الشورى الايراني، هو الرهان على الغموض البنّاء. كيف؟ بالبحث عن صيغة لغوية تسمح لكل طرف بالقول انه حقق مطلبه ولم يتراجع عن موقفه.
وفي بيت الديبلوماسية منازل كثيرة.