تستمرّ بنجاح لعبة اللّحاق والّلاحق والملحوق لأنّ الصّهر المدلّل يتحسّس خلف ظهره علّه يستمرّ ممسكاً بوزارة الطّاقة أو يقبض على وزارة الدّاخلية ليصبح حاكم لبنان الإداري وحاكم رؤساء الأجهزة العسكريّة والأمنيّة في طموح هو الأشدّ خطورة في سياق لعبة “طاق طاق طاقيّة.. رنّ رنّ يا جرس”، أو ما يسمى بلعبة ساعي البريد التي يلعبها الأطفال ابتداء من عمر الخمس سنوات لكنّها في لبنان لعبة سياسيّة للكبار فقط!!
حتى لحظة كتابة هذه السّطور كان اللبنانيّون في انتظار “الردّ على الاحتجاج الأميركي بشأن إطلاق حزب الله مسيرات فوق حقل كاريش” والذي أبلغته السفيرة الأميركية لوزير الخارجية عبدالله بو حبيب المتفائل بأنّ “ترسيم الحدود البحرية في مرحلة متقدمة جدًا وآخذ في التفاؤل ومن الآن حتى شهرين تتضح مساراته”، والمقلق هنا هو السؤال ما إذا كان هذا التّفاؤل نابع من ثقة “الدّولة الغشيمة” بالوسيط الأميركي الّذي لم يكن يوماً شريفاً ولا نظيفاً ولا نزيهاً، ومن عنده ذرّة شكّ فليراجع ما أعلنته بعد ظهر الأمس الخارجية الأميركية “أنّ المحقّقين لم يتمكّنوا من التوصّل لنتيجة نهائيّة بعد تحليل جنائي مفصّل للمقذوف الذي قتل الصحافيّة الفلسطينيّة شيرين أبو عاقلة، وأنّ خبراء المقذوفات خلصوا إلى أنّ الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة “تضرّرت بشدّة ممّا منع الوصول إلى نتيجة قاطعة”، لا يختلف كثيراً رأس لبنان ولا ترسيم حدوده سواء أكانت الحدود البحريّة مع العدوّ الإسرائيلي واحتلاله أو الحدود البريّة مع الطامع السوري واحتلاله، بالأمس فضحت الرّصاصة التي اغتالت شيرين أبو عاقلة وفجّرت رأسها الأميركي مرّة جديدة في الوقت الذي تحمل فيه الرّاحلة جنسيّة هذا الأميركي الوسيط المنحاز وغير الشّريف!
كلامٌ واحد نشرته بالأمس وكالة “أخبار اليوم” أدلى به النائب السّابق الجنرال وهبي قاطيشا يستحقّ التوقّف عنده والتفكير فيه مطوّلاً في موضوع “مسيّرات” إيران التي تمّ إطلاقها من لبنان ـ ومن غير المعروف ما إذا كان بعلم ومعرفة أمين عام حزب الله حسن نصرالله وقيادة الحزب أو من دونها مثلما حدث في عمليّة قتل ثمانية جنود إسرائيليين تركوا بأرضهم واختطاف اثنين “عم بيموتوا” متسبّبين بكارثة تدمير لبنان في تموز العام ٢٠٠٦ ـ خصوصاً وأنّ النّائب الحاج محمّد رعد كان يطلق رشقاً كلاميّاً إنشائياً في الهواء تحت عنوان أنّ حزبه يعمل “من أجل أن نحفظ مهابتنا وموقعنا، وأن نحقق مرادنا في العيش الكريم بوطن عزيز سيد حر مستقل”!
خلاصة الكلام الدّقيق الذي ألقاه قاطيشا في وجه “المسيّرات” بعدما فرد خارطة استراتيجيّة للواقع كاملاً بخلفيّاته الروسيّة والإسرائيليّة والإيرانيّة والسوريّة انّ “لا قدرة لدى حزب الله على مُهاجَمَة أي منصّة نفط أو غاز في البحر مستقبلاً. كما لا قدرة لدى إيران على تهديد مشاريع الطاقة في المنطقة. فمصادر الطاقة هي أبرز ما تسعى أوروبا للحصول عليه، وأكثر ما تحتاجه. وتهديد تلك المصادر أمنياً، سيدفع حلف “الناتو” الى تشكيل تحالف كبير، والى شنّ حرب كبرى تشارك فيها إسرائيل. وهذه الحرب ستكون مدمّرة للبنان وإيران، وربما لأماكن أخرى في المنطقة، معهما”، هذا الكلام يوازي في دقّته وصحّته الجملة التي قالها اللواء قاطيشا للنائب حسين الحاج حسن الذي كان يضحك على اللبنانيّين ويحاول إقناع بيئة حزب الله الخائفة خصوصاً في الضاحية والجنوب بأنّ “لن يكون هناك حرب وستنتهي القصّة بقصف بعض الجسور.. فأجابه اللواء قاطيشا: إن شاء الله يكون هيك، إنّما أعتقد أنّ الحرب بدأت”.. لهذه الأسباب كان اللواء وهبي قاطيشا مصيباً بالأمس في حديثه لوكالة “أخبار اليوم” المنشور على موقع “ليبانون فايلز” والّذي اختصر فيه واقع “المسيرات” بأنّ “لبنان في آخر سطر من الرسالة “المسيّراتيّة”، التي “طارت” باتّجاه إسرائيل، قبل يومَيْن، أو ربما غير موجود فيها، أصلاً (…) لا علاقة للبنان بأعمال “حزب الله”، الذي يمثّل تأثير إيران فيه (لبنان). ورسالة “المسيّرات” تخدم طهران فقط، عشية زيارة بايدن المنطقة”، و”سلّملي على الخطر الوجودي والاستراتيجي”!