Site icon IMLebanon

أهلاً بالملاريا  

 

«هاشت» الحشرات، «البرغش» يغزو بيوت اللبنانيين الذين يعيشون بين مطامر النفايات، ومرّ بالأمس تحذير أحد الخبراء عن احتمال تسبّبها بمرض الملاريا الطفيلي المعدي من دون أيّ تعليق يصدر عن المعنيّين، ومن دون أن يتحرّك أي مسؤول ليوجّه الجهات الصحيّة والبلدية المختصّة للبدء بعمليّات الرشّ التي من المفترض أن تبدأ اليوم قبل الغد في ظلّ إحاطة مطامر النفايات ببيوت اللبنانيين وصحّتهم.

 

لا يتحمل لبنان انتشار مرضٍ معدٍ فيه في ظلّ وجود مليوني لاجىء سوري وحالات التلوّث التي لا تجد من يعمل على تداركها لتحسين ظروف المعيشة في بيئة آمنة في الحدّ الأدنى للبنانيّين، الملاريا ليس كالحصبة التي أطلقت وزارة الصحة اللبنانيّة عشرات التحذيرات من خطورة انتشارها وضرورة تلقيح الأطفال تحسّباً منها، الملاريا مرض ينتقل عن طريق البعوض ويتسلل داخل كريات الدم الحمراء في جسم الإنسان فيدمّرها، فإلى أين نحن ذاهبون!

لا ندرة الأمطار ولا موسم التكاثر ليسا سبب هذه الحال المتفاقمة للغزو الحشراتي، نحن في أزمة تلوّث حقيقية قاتلة، ثمّة مطمران يحاصران المناطق اللبنانيّة، وكلّ الأحاديث السابقة عن حلول صحيّة وإنشاء معامل الفرز لم ينفّذ منها حرف واحد منذ أزمة النفايات الكبرى التي أغرقت البلاد قبل ثلاثة أعوام، لا حلول والوضع القائم لا يكترث لصحة المواطن اللبناني، والمطلوب اهتمام أكبر من المعنيّين على المستوى الحكومي وعلى مستوى البلديّات.

بلدياتٌ كثيرة تهمل دورها في محاصرة بؤر التلوّث ومحاصرة أضراره على الأقلّ في حدود مقبولة إلى حين إيجاد الحلول، من المؤسف مثلاً أن لا تقوم بلديّة الشويفات بإطلاق عربات رشّ مبيدات الحشرات في شوارع المناطق التابعة لها خصوصاً وأنّهم محاصرون بأضرار مكبّ الكوستا براڤا، ومن المؤسف أنّ البلديات اللبنانيّة لا تملك خططاً حقيقيّة لمواجهة المشاكل الصغرى فكيف في الأزمات الكبرى؟!

التخوّف من تسبّب موجة الحشرات والبعوض التي يشهدها لبنان منذ أيام «منها مزحة» أبداً، نحن نعيش في بيئة غير آمنة، وفي ظلّ كثافة سكانيّة غير مسبوقة، ولا يكفي أبداً أن يطلق بعض الخبراء تحذيراتهم من الوضع القائم وليس بكافٍ تفسير أسباب «هجمة» الحشرات على اللبنانيين لأنّ المطلوب العمل على مواجهة هذه الهجمة لا تفسير وتبرير أسبابها!

الحكومة ووزراؤها مشغولون  بالدعاية الانتخابيّة، وليس هناك أكثر من المرشحين الذين يقدّمون وعوداً كاذبة للبنانيين الذين يعرفون حقيقة هذه الوعود وحقيقة مطلقيها أيضاً، تجاهل أزمات اللبنانيين عموماً لم يعد بالإمكان التغاضي عنه، هذا موسم المحاسبة، لذا على المسؤولين المعنيّين ونحن هنا لا نعرف حقيقة أي الوزارات المعنيّة بحلّ هذه الهمة الحشراتيّة، وإلا كنّا توجهنا لهذه الجهة بالاسم مطالبينها بالمسارعة إلى إيجاد الحلول التي تبعد شبح الأمراض الطفيليّة المعدية من التسلّل إلى الجسد اللبناني المريض والذي يكفيه ما فيه.

المطلوب أن تتكاتف كلّ الجهات المعنيّة لحلّ هذه التفاصيل المزعجة، العام الماضي شاهدنا حالات تسمّم مخيفة من لسعات البرغش خصوصاً عند الأطفال، ومع هذا لم يتم اتخاذ أي إجراء للتعاطي مع كلّ المخاوف المرتقبة من صيف هذا العام الذي داهمنا حتى في فصل الشتاء، هذا ليس بأمرٍ بسيط، في الحقيقة هذه مخاوف حقيقيّة وكبرى وما لم يتمّ التعاطي معها على مستوى عالٍ من الجديّة، صدّقوا ليس الملاريا فقط، بل أمراض كثيرة تستعدّ للتفشّي وعلى نحوٍ مخيف!