كان من الضروري ان يسارع تمام سلام النظيف والآدمي والدمث الى رفع الحاجز الذي وضع بين السرايا وساحة رياض الصلح وقد بدا لوهلة انه يعزل الحكومة عن الناس، وهو ما لم يحصل خلال الاعتصام الطويل مدى سنتين عام 2006، وتهديدات ميشال عون يومها باحراق الوسط التجاري [تنكة بنزين وكبريتة]؟
لقد تنبّه تمام سلام الى انه على رغم الغوغاء والتخريب لا يمكن ان يرفع جداراً حول نفسه والسرايا وحول الشرعية والدولة، بما يعطي ذرائع لكثيرين للافتئآت عليه. فاذا كان المطلوب حماية السرايا من الغوغاء ومثيري الشغب، ومن الذين يريدون احراق البلد وتدمير الدستور واسقاط النظام، فيمكن مثلاً وضع خمسين دبابة ومئة ملالة لحماية السرايا والشرعية فالجيش حاضر وقادر وبطل وليس مقصّراً كما يقول عون!
تمام سلام الذي قال بصراحة وجرأة ان المشكلة في “النفايات السياسية” فهي التي أوصلت لبنان الى حافة الهاوية والانهيار الكامل، والذي كان يستعد للنزول الى الساحة للاختلاط بالمتظاهرين قبل ان تدخل العناصر المدسوسة على خط التخريب، تنفيذاً لمخطط واضح يستهدف دفع لبنان الى الفوضى العارمة وصولاً الى المؤتمر التأسيسي، لا يقبل ان يرفع جداراً حول نفسه والسرايا.
تمام سلام الذي قال يوم الأحد للناس من حقكم ان ترفعوا الصوت وأن تبرزوا آلامكم وجروحكم وان ليس لدي ما أخفيه وليس لدي شيء لأحتال به على أحد، فأنا منكم ويتمّ الاحتيال علينا معاً، لا يمكن ان يرفع جداراً بينه وبين الناس، بما يخدم ضمناً الذين يحتالون عليه وعلى الناس وعلى لبنان وهم معروفون حلاً ونسباً!
تمام سلام الذي يعرف ان ما حصل ويحصل هو تراكم تخريب وتعطيل واستهداف للدولة والدستور والشعب، والذي طالما حذّر من اننا ذاهبون الى الانهيار اذا استمرت على حالها وكرر انه لن يكون شريكاً في هذا الانهيار وأنه مستمر في صبره مع المواطنين، يعرف ان ليس من مصلحته ولا من مصلحة لبنان ارتفاع جدار عازل تنقل صوره المعيبة صحف العالم!
تمام سلام العالق أصلاً في رئاسة حكومة المهمة المستحيلة، والذي طالما كرر أنها جاءت لمهمة محددة وهي انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والذي سمعه الناس جيداً على رغم زعيق الغوغاء والتخريب، عندما قال ان الشلل والتعطيل تتحمل مسؤوليتهما كل القوى السياسية من دون استثناء، لا يرضى ان يقال ان لبنان شهد معه جداراً عازلاً امام السرايا في زمن لم يعد فيه من الجدران على كثرة جيوش المخربين والسفّاكين.
تمام سلام يعرف ان الذين نصحوه برفع جدار الاسمنت لا يحبونه قط بل يريدون ضمناً تقييده الى الإسمنت!