تعترف الأوساط الديبلوماسية الغربية في بيروت بفشل كل الوسائل التي تمّ اللجوء إليها لحرمان النظام السوري من الانتصار في حلب. وفي هذا الإطار، تقول إن استعادة سيطرة النظام على حلب «محطة مهمة في مسار الحرب السورية، ويجب الآن التطلع الى المستقبل بطريقة اخرى، تأحذ بالاعتبار التحول في موازين القوى».
توضح الأوساط أن «الاتحاد الأوروبي بصدد التحضير للمرحلة المقبلة في سوريا، من خلال إجراء استشارات مع العديد من الأطراف حول النظام الجديد في هذا البلد»، ذلك أنه «من غير الممكن أن يستمر النظام الحالي كما هو عليه بعد سنوات خمس من الحرب الدامية والمدمّرة حتى وإن أحرز (النظام) انتصارات عسكرية. وقد بات من المستحيل إبقاء الحكم في سوريا من دون أي تعديلات تأخذ في الحسبان التغييرات التي حصلت وحالة العداوة بين فئات كبيرة من السوريين وبين النظام الحاكم».
بحسب الأوساط الغربية، فإن الاتحاد الأوروبي «سيجري مشاورات سريعة مع عدد من الأطراف والبلدان في محاولة لاحتواء صدمة عودة حلب وجوارها إلى قبضة قوات النظام وحلفائه».
واستنادا إلى ما تقدم، تقر الأوساط الديبلوماسية الغربية بالهزيمة وبواقعية بقاء النظام السوري في الحكم، اقله في المرحلة الراهنة. لكنها، في المقابل، تؤكد أنه لا تزال بحوزة المعارضين للنظام السوري أوراق عدة، أبرزها ورشة اعادة اعمار سوريا المدمرة بشكل شبه كامل، والتي قد تحتاج الى مئات مليارات الدولارات غير المتوافرة لدى النظام السوري وحلفائه. لذلك فإن عملية إعادة الإعمار تحتاج إلى الاموال الاوروبية والغربية والخليجية. ومن هنا، كانت فكرة اطلاق مشاورات حول النظام الجديد.
وتشير الأوساط إلى أنه «بمقدور الدول المعادية للنظام السوري الضغط على مجريات المفاوضات لجهة موازين القوى وإعطاء الحصص الوازنة للمعارضة، فتصبح المساهمة بمشاريع إعادة الاعمار نوعا من التدخل لمساندة المعارضة بعد خساراتها الميدانية المتتالية!».
وتتساءل الأوساط حول إمكان تطوير الدستور السوري وبالتالي صيغة النظام، وصولا إلى تقاســم للنفــوذ بين الطوائف على طريقة النمــوذج اللبناني (الطائف). وتقول: «بهذه الطــريقة يصبح لقوى المعارضة حصة وازنــة في الحكم».
كيف يمكن للاتحاد الاوروبي اقناع النظام السوري وحلفائه المنتصرين في حلب بتقديم تنازلات في الشأن السياسي وفي تقاسم السلطة؟ تجيب الأوساط نفسها: «من الممكن ان يستعمل حينئذ موضوع اعادة الاعمار والحاجة للاموال الخارجية للضغط السياسي».
في الخلاصة، تتلخص وجهة النظر الغربية باستخدام تمويل إعادة الإعمار للضغط على النظام، لتكون المعادلة المال مقابل تعديل الدستور والإصلاحات. لكن في ظل الانجازات الميدانية للنظام السوري، هل تطابق حسابات حقل الغرب حسابات بيدره في سوريا؟
وكأن بخلاصة وجهة نظره ان النظام السوري بحاجة لتمويل غربي الذي لن يحصل عليه دون اجراء اصلاحات جذرية… هذا في المبدأ، لكن في سوريا حسابات الغرب ليست دائما ناجحة…