سعى الموفد الدولي لحل الأزمة السورية ستيفان دي ميستورا في جولته الأخيرة على عدد من الدول المؤثرة في الوضع السوري، إلى عرض أفكاره التي تنبثق من فكرة أساسية وهي تجميد القتال في حلب ومن ثم تعميمه على كل المناطق.
وتكشف مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع أن دي ميستورا يبحث مع الدول طريقة إدارة تجميد القتال في حلب. وتطرح أفكاراً متصلة بآليات مراقبة لهذا التجميد من أجل التعامل مع الخروق لوقف النار والجهة التي تخرق وتحديدها والتعامل معها، فضلاً عن تثبيت التجميد إلى حد كبير من أجل أن يكون ذلك تمهيداً لإعادة البحث بإطلاق العملية السياسية.
أبرز ما في مكامن القلق الغربي اثنان:
الأول، أن الدول لا تريد تكرار تجربة حمص، حيث أنه عندما جرى وقف للنار، استغله النظام ودخل إليها. التجميد يعني أن كل فريق يجب أن يبقى في مواقعه. هذه نقطة الخلاف الأساسية، وهي طريقة ضمانة ألا يكون وقف القتال بمثابة استسلام للنظام، وأن لا يشكل ذلك سبيلاً إلى تعزيز مواقعه وسيطرته بدلاً من الإبقاء على مواقعه حيث هي. أيام الموفد السابق الاخضر الابراهيمي، انتقد الغرب وقف النار لأن النظام كان يحاصر المناطق ويدخلها في كثير من الأحيان.
والثاني، يهم الغرب ألا يستعمل النظام السوري جيشه في مواقع أخرى غير حلب لضرب المعارضة هناك بعد وقف النار في حلب، التجميد غير واضح حتى الآن، وكذلك عملية المراقبة وبعض التفاصيل التابعة لهذه العملية.
دي ميستورا حصل على الدعم الأوروبي إلى أبعد مدى، والأوروبيون عملوا لتظهير مواقفهم حيال سوريا على أساس دعمه بشكل مطلق. الجميع يدعمه لأن لا حل آخر، لكن مع وجود الملاحظات السابقة الذكر حول نقاط القلق لديهم. الولايات المتحدة أيضاً تدعم دي ميستورا. أما الروس فيعملون لتنظيم مؤتمر يجمع أطياف المعارضة. المجتمع الدولي يراقب هذا التحرك وما إذا كان الروس سيدعمون المعارضة الداخلية التي يرضى عنها النظام. لأنه يبدو أن موسكو يهمها إبطال أن يكون الائتلاف السوري الوحيد الذي يمثل المعارضة السورية. الغرب يعتبر مؤتمر المعارضة مسألة جيدة، لكن شرط أن لا تقوم موسكو بتقوية المعارضة التي يرضى عنها النظام وجعلها أكثرية في القرار السوري الذي يمثل المعارضة. لا اعتراض غربياً على الحركة الروسية إنما هناك مراقبة حثيثة لها.
في اعتقاد دي ميستورا، أنه يمكنه تخفيف حدة القتال إلى حد كبير يمكّنه من إطلاق التفاوض الداخلي السوري السوري. لكن وقف النار التام من الصعب تحقيقه نظراً الى وجود لاعبين آخرين على الأرض وهما «داعش» و»النصرة«، وليس له أي علاقة بهما.
وإذا ما حُلّت القضية السورية، يمكن للسلطة السورية المقبلة، ولا سيما السنّة المعتدلون، محاربة «داعش» و»النصرة».
الغرب يعتقد أن النظام لن يسهل خطة دي ميستورا، وبالتالي لن يسهل تنفيذ التجميد في حلب. المعتدلون السنّة هم ضدّ «داعش» و»النصرة». إنما الصعوبة الآن هي في أن النظام الذي يرى نفسه يحرز تقدماً على الأرض، لن يقدم تنازلات في التفاوض لاحقاً. عدا أنه في «جنيف 2» لم يعمد الى إنجاح العملية السياسية. ولم يكن يريد تسليم السلطة، ومن غير الواضح منذ الآن أي عناصر في النظام ستكون موجودة في التفاوض وأي منها ستكون خارجه.
من المبكر لأوانه الحكم منذ الآن على إمكانات نجاح خطته أو فشلها.
دي ميستورا ناقش مع الدول التي زارها هذه الإمكانات، فضلاً عن الصعوبات التي تواجهها عملية التنفيذ. هناك عوامل أخرى على الأرض هي وجود «داعش» و»النصرة». المجتمع الدولي يصرّ على مكافحتهما عبر الضربات الجوية. وهذا المنحى لن يتغيّر. إذ إن المصادر تشير الى أن الدول تعتبر مكافحتهما تساعد في التهدئة في سوريا. إنما المهم في البداية انطلاق العملية السياسية في سوريا وتعاون الطرفين مع الموفد الدولي لهذه الغاية.
مصر دخلت على خط المحاولة، وهي ستستضيف اجتماعاً للمعارضة، وهناك دعم عربي للدور المصري في جمع المعارضة وتوحيد موقفها.
كان مطروحاً أن يستصدر مجلس الأمن الدولي قراراً جديداً يتضمن خطة دي ميستورا للحل وآلية مراقبة. لكن النظام لم يقبل بهذا الطرح. دي ميستورا يريد أن لا يستفيد أحد من الهدنة للقيام بانتصار على الأرض. من هنا فكرة أن يُصار الى استصدار القرار بحيث يصبح مُلزماً لكل الأطراف، وهذا يشكل الضمانة التي تطلبها الدول لحُسن تنفيذ الخطة.