من «نيال من له مرقد عنزة في لبنان» الى التغني بجباله وسهوله وبحره ونهره الى التبولة والكبة النية والكنافة بالجبن وصولا الى جبال النفايات التي زنرت المناطق اللبنانية كافة وباتت تطغى على الاستحقاق الرئاسي والازمات السياسية والاقتصادية ما زاد الطين بلة ويقول احد السياسيين في مجالسه انه تلقى كمّاً من الاتصالات من اصدقاء له في الخارج يقولون له «مش نازلين عالبلد ألغينا الحجز» وبعضهم سيغادر الى تركيا وقبرص او اوروبا بشكل عام. فهل يجوز ان يمرض اطفالنا واولادنا وينهشنا «البرغش»؟ نعم البلد يضج بهذه الاخبار التي باتت شغل الناس الشاغل ولكن مهما كانت الحلول في هذه المرحلة وفق اوساط سياسية مطلعة فانها لن «تشيل الزير من البير» او تصل الى نتيجة او معالجة جذرية على اعتبار هناك تداخلات سياسية ومصالح وكل ما هبّ ودبّ ما قد يؤدي لاحقا الى انفجار لا تحمد عقباه.
وبحسب الاوساط المذكورة فإن هذه الازمة المرتبطة بالنفايات هي جزء لا يتجزأ من الخلافات السياسية ولكن بالمحصلة تلك القضية قد تكون الشعرة التي قصمت ظهر البعير وفتحت طريق المعالجات او سدت افق الحلول ودخل لبنان عندئذ في المجهول. اما في السياسة فإن المعلومات المتوافرة تشير الى ان الاتصالات على دارة المصيطبة كانت كزخات المطر نهاية الاسبوع ومستمرة مع الرئيس تمام سلام الذي وكما اشرنا منذ ايام معدودة تلقى اتصالات من مرجعيات اوروبية وعربية مؤدّاها «نفهمك يا تمام بيك ونقدر ظروفك ونحن معك ولكن طول بالك». اما لماذا التركيز على الصبر وان كان كما تقول كوكب الشرق ام كلثوم للصبر حدود فهذا معناه وبحسب الاوساط انه في حال الاستقالة وتطيير الحكومة من يقوم بالاستشارات النيابية الملزمة ومن يقبل الاستقالة، ما يشير الى فراغ لبنان من مؤسساته الدستورية وتحوّله الى دولة مارقة، لا بل حينها تصبح قبائل الزولو افضل بكثير من بلدنا، وذلك له وفق ما قال السفير البريطاني طوم فليتشر خلال عشاء مع اصدقاء لبنانيين، مفاعيل سلبية على كل اللبنانيين وخوفه كبير في هذا الاطار، وأبدى حزنه على ما حصل في ازمة النفايات وهو الذي مشى من طرابلس الى وسط بيروت سعيداً ومتفاجئاً بمناظر لم يتسن له رؤيتها من قبل لجمالها، لكنّ جبال النفايات قضت على ما عداها من حسنات متبقية في وطن الارز الذي دخل «غينيس بوك» في أكوام النفايات الممتدة من الناقورة الى النهر الكبير، ما يقضي على ما تبقّى من سياحة وخصوصاً ان المعنيين بهذا القطاع اشاروا الى الغاء حجوزات باعداد كبيرة ومعظمهم من اللبنانيين حفاظاً على سلامة عائلتهم.
وفي سياق آخر تكشف الاوساط نفسها أن احد السفراء الغربيين وقبيل مغادرته لبنان أمس الاول أعرب لقطب سياسي عن مخاوفه مما قد يحدث في لبنان خلال الشهرين المقبلين وحدد ايلول شهراً يتوقعه صاخباً سياسياً واقتصادياً وربما أمنياً في ضوء تحوّلات ومتغيّرات ميدانية ستحصل من اليمن وصولاً الى العراق وسوريا، ويتفاجأ كيف ان مسألة انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية اضحت شبه منسيّة حتى على المستويين الاقليمي والدولي، لأن الأولوية في هذه المرحلة لعواصم القرار هي لحروب المنطقة وللملف السوري على وجه الخصوص بعد توقيع الاتفاق النووي مع طهران، مشيراً الى أن بلاده وأصدقاء لبنان يركّزون في هذه المرحلة على بقاء هذا البلد مستقراً والاتصالات مع الدول الاقليمية المعنية بالملف اللبناني تصبّ في هذه الخانة.