طغت التطورات العسكرية في الجنوب على ما عداها وبات الحدث هناك في وقت عادت الذاكرة باللبنانيين الى سنوات خلت ولا سيما مرحلة العام 2006 وتداعياتها. وهنا، علم ان اتصالات جرت بين عواصم القرار والامم المتحدة لتجنب الحرب وما لا يحمد عقباه وخصوصا ان احد السفراء في لبنان يشير الى ان الاتصال الابرز الذي جرى بعيدا عن الاضواء كان بين واشنطن وطهران من خلال اقنية دبلوماسية بين البلدين، وصولا الى دور الجامعة العربية ومعظم المنظمات الدولية والانسانية المعنية، وبالتالي اضحت اللعبة مفتوحة على شتى الاحتمالات.
وفي غضون ذلك، يظهر جليا ان هذه التطورات سيكون لها وقعها على الساحة الداخلية وعلى كافة المستويات ومهما كان حجم العمليات الميدانية وتحديدا على خط الملفات السياسية والاستحقاق الرئاسي على وجه الخصوص. اذ ستكون الاولوية لمعالجة الاوضاع الناشئة في الجنوب ووجهتها وحجمها وتداعياتها وبمعنى اوضح المرحلة الراهنة ستطوي صفحة الاستحقاقات الى وقت طويل.
وهنا، تتوقع اوساط ديبلوماسية غربية، ان يدخل لبنان في نفق مظلم وذلك ما تبدى من خلال الاتصالات التي جرت حيث تبين ان الامور ليست بالسهلة لا سيما وان ما يجري في سوريا وعلى الحدود اللبنانية – السورية من شأنه تعقيد الامور اكثر اذ المنطقة برمتها مشتعلة من اليمن الى العراق وصولا الى سوريا وفي بعض المناطق اللبنانية مثل عرسال ورأس بعلبك والحدود السورية – اللبنانية بشكل عام، ومن ثم تنامي الارهاب، ما يعني بما لا يقبل الجدل ان هذه الحرب وفي المرحلة الراهنة مغايرة كليا عن المرحلة السابقة في ظل التحولات والمتغيرات التي حصلت في السنوات الماضية على مستوى المنطقة وخصوصا في سوريا، الى الداخل اللبناني المنقسم عموديا والذي بدوره شهد سلسلة متغيرات في بنيته السياسية واوضاعه الامنية ومعاناته الاقتصادية والمعيشية.
من هذا المنطلق، تؤكد الاوساط ان المرحلة اليوم تتسم بالصعوبة والتعقيدات وسط حالة قلق وهواجس تقض مضاجع الناس، ولهذه الغاية فان الاتصالات التي قام بها رئيس الحكومة والمعنيون في الساعات الماضية كانت على قدر كبير من الاهمية ومكثفة وفاعلة بغية عدم اقحام لبنان في اي حرب جديدة، وتكشف الاوساط ان احد السفراء الغربيين في لبنان قال لاحد الوزراء ان بلاده مع تحييد لبنان عن حروب المنطقة ويهم المجتمع ان يعم الاستقرار لبنان والكل يعلم ان العواصم الاوروبية وحتى الولايات المتحدة الاميركية كانت لها سلسلة اتصالات ومشاورات ولقاءات ومساع صبت باتجاه دعم الاستقرار في هذا البلد، ولكن السفير المذكور يستطرد قائلا: لا يمكننا وازاء ما جرى على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية ان نلجم العمليات العسكرية او نتدخل لان الامور منفصلة تماما وعليه عملنا ودورنا ينصب في اطار الدعوات لضبط النفس وليس اكثر من ذلك.
واخيرا، ترى الاوساط ان الايام القليلة المقبلة ستبلور مسار هذه الاعمال العسكرية ووجهتها، وبالمحصلة يبقى ان الاوضاع على الساحة اللبنانية غير مطمئنة ما يذكر بالبيان الذي صدر عن الخارجية الاميركية بتحذير الرعايا الاميركيين من القدوم الى لبنان، وذلك يحمل اشارات ودلالات كثيرة خصوصا ما يربط واشنطن واسرائيل من علاقات قديمة، لذا، المرحلة الراهنة ستكون قاسية على لبنان امنيا واقتصاديا في وقت ان الملفات السياسية رهينة الوضع الامني والخلافات السياسية المحلية والاقليمية وما جرى في الجنوب من الطبيعي سيعقد اكثر واكثر الانتخابات الرئاسية الى سائر الملفات الاخرى.