هل تُعدّ المواقف الغربية الجديدة المتعلّقة بالقبول ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في المرحلة الانتقالية، تغييراً جذرياً، أم إن الهدف لا يزال هو نفسه؟
تفيد مصادر ديبلوماسية، إن الغرب يقبل بفكرة أنه إذا كان بقاء الأسد في المرحلة الانتقالية، من دون صلاحيات تذكر، يؤدي الى حل المشكلة، فلن يصار الى معارضته. إذ إن الغرب لم يغيّر مواقفه بالنسبة الى الأسد على الإطلاق. وهو لا يزال يعتبر أن لا دور للأسد في مستقبل سوريا.
فإذا رضي أن يبقى بهذا الشكل في المرحلة الانتقالية، ثم يخرج من الحكم، يعني توفر طريقة «لائقة» لإنهاء سلطته، فإن الغرب سيقبل بذلك حتماً. إلا أن المصادر لا تتوقع أن يبدي الأسد قبولاً بهذا الطرح. لكن الأمر متوقف على الموقف الروسي، حيث إنه إذا رغبت روسيا في الضغط عليه لإقناعه بذلك، فإنه سيقتنع، لا سيما وان الروس هم من أوقفوا النظام على رجليه، بالتعاون مع إيران و»حزب الله»، لكن الأخيرين لم يتمكنا في الآونة الأخيرة وحدهما من إيقافه على رجليه، لولا التدخل الروسي العسكري الأخير والذي توسع، وانتقل من السر الى العلن. هذا فضلاً عن دعم روسيا له ديبلوماسياً في مجلس الأمن، حيث لم يتمكن من استصدار قرار ضده.
وتكشف المصادر، أنه لا يمكن اعتبار المواقف الدولية تحولاً، إذ إن الموفد الدولي لحل الأزمة السورية ستيفان دي ميستورا منذ لحظة تسلمه لمهمته، كان يفكر بطريقة تؤدي إلى إنهاء حكم الأسد لكن ليس بالانكسار الفوري، إنما عبر عملية انتقالية يكون فيها من دون صلاحيات، حيث إنه في نهاية هذه المرحلة، ستشكل حكومة، وستجرى انتخابات، وسيصار إلى إنجاز دستور جديد للبلاد، عندها يغادر، أي ليس على طريقة ما حدث في اليمن حيث دول عدة لم تكن لتوافق على ذلك.
آراء الدول الأوروبية متفاوتة في ما بينها بالنسبة إلى طريقة التعامل مع مصير النظام السوري. فرنسا وبريطانيا وألمانيا تعتبر أن النظام، وبالتالي، الجيش السوري لا يستطيع أن يقاتل تنظيم «داعش»، وأنه إذا قاتله فسيزيد هذا الأمر السّنّة تطرفاً. وبالتالي فإن «داعش» سيتمكن مع التنظيمات المماثلة من استقطاب المزيد من المقاتلين والمناصرين، وإذا لم يكن هناك حلّ سياسي فلن يتم التخفيف من خطر هذا التنظيم. أما تشيكيا، التي لم توقف علاقاتها بالنظام، ولم تقفل سفارتها في دمشق، فتقول بأولوية محاربة الإرهاب و»داعش». وأن الأسد يمكنه محاربة الإرهاب. وأنه يجب العودة إلى فتح علاقات مع الأسد. وبولونيا مثلاً، أرسلت موفداً الى دمشق ولم تُعِد العلاقات. الموقف الأوروبي كان متأرجاً، لكن في النهاية الدول الثلاث الكبرى كان لها موقفها النهائي.
ثم هناك قضية اللجوء السوري الى أوروبا. فالألمان يريدون بقاء السوريين في أرضهم، لكي لا يدخلوا الى أوروبا حتى خلسة. وتخفيف حدة القتال في سوريا قد ينتج عنه تخفيف اللجوء. من هنا انبثقت فكرة إبقاء الأسد في المرحلة الانتقالية من دون صلاحيات حتى أمنية، قوى أمن وجيش أيضاً، الى أن يخرج لاحقاً بعد تشكيل حكومة جديدة وإجراء تغييرات دستورية.
إن هذا الطرح، يأتي في سياق العملية التفاوضية ذات الصلة بالسعي الى الحلّ في سوريا.
في تشرين الأول المقبل سيناقش وزراء الخارجية الأوروبيون الوضع السوري في اجتماع لهم. لكن لا تغيير جذرياً في الموقف حول الوضع السوري. هناك دعم لجهود دي ميستورا، ولإمكان أن تصل المباحثات بين قادة العالم في نيويورك على هامش أعمال افتتاح الدورة الـ70 للجمعية العامة للأمم المتحدة، حول سوريا الى حلحلة معينة.
الأسد، بحسب المصادر، يريد المرحلة الانتقالية، ومستقبل سوريا. الموقفان الأميركي والفرنسي لم يتغيرا. الرئيس الأميركي باراك أوباما لن يُقدم على تغيير جذري في موقفه حول سوريا، إنما إذا نضجت ظروف معينة لحل، فسيساهم به.
روسيا التي دخلت مجدداً على الخط السوري، تجد نفسها مضطرة الى ادخال النظام في التفاوض، وبالتالي، مضطرة الى السعي لإبقاء الأسد في المرحلة الانتقالية. الأسئلة المطروحة كثيرة، فإذا بدأت أي مفاوضات، هل ستكون جدية أم لا؟ وأي نظام سيتم تركيبه لسوريا، نظام طائفي على صورة النظام اللبناني أم لا؟ ما الذي سيحصل بالأجهزة الأمنية، لا سيما التي كانت تعتمد القمع، فهل ستحل أم لا؟ كل هذه الأمور خاضعة للتفاوض. وهل باتت لدى أي فريق خارجي مؤثر في سوريا مصلحة فعلية بالدخول في مرحلة تفاوض لإيجاد حل ووقف النزيف الداخلي، ونزيف المساعدات الخارجية؟
بعد مباحثات نيويورك ستتضح الصورة أكثر.