IMLebanon

قلق غربي من انفلات الامن وسقوط الحكومة

انشغلت دوائر القرار الغربية في الأيام الماضية بمتابعة الأوضاع الميدانية على الساحة اللبنانية في ضوء المشهد الجديد الذي ارتسم بفعل التحركات الشعبية في الشارع والمطالب المرفوعة والتي تخطّت سقف الأزمات الإقتصادية والبيئية والإجتماعية لتصل إلى مستوى الإطاحة بالواقع السياسي القائم من خلال الحديث عن إسقاط مجلس النواب والحكومة وإسقاط النظام، والذي يذكّر بالثورات التي شهدتها أكثر من ساحة عربية في السنوات الأخيرة. وقد أعربت مصادر ديبلوماسية غربية في بيروت عن وجود قلق واضح لدى أكثر من عاصمة غربية معنية بالوضع اللبناني، وبشكل خاص واشنطن وموسكو وباريس، التي نقل سفراؤها إلى المسؤولين عبر لقاءات وبرقيّات، خشية من تفاقم الإحتجاجات وخروج التحرّكات عن الإطار الديمقراطي والتعبير السلمي، وبالتالي تطوّرها إلى أحداث ذات طابع أمني، أو مشوبة بالفوضى والشغب، كما سُجّل على هامش الإعتصام السلمي في وسط بيروت مساء الأحد الماضي.

وأكدت المصادر نفسها، أن هذه العواصم تدعم المؤسّسات الدستورية، وتركّز على وجوب التعاون ما بين مكوّناتها لمقاربة الإستحقاقات، وتمكين اللبنانيين من العيش بشكل طبيعي، وتفادي امتداد نار الصراعات الطائفية والمذهبية في سوريا إلى الأراضي اللبنانية. كذلك اعتبرت أن حماية الحريات وحق التعبير عن الرأي هي من أولويات المجتمع الغربي، الذي يؤكد أن من واجبات السلطات الحفاظ على الحريات وحمايتها مهما كانت الضغوطات كبيرة أو الأخطار متراكمة، لأن حركة الإحتجاجات التي برزت أخيراً، مبرّرة ومشروعة للمطالبة بالحدّ الأدنى من الحقوق المتعلّقة بالبيئة والأمن الصحي، بعدما باتت كل المناطق مهدّدة بسبب النفايات التي تغمر الشوارع منذ نحو شهر وعشرة أيام.

وقد أظهرت الأحداث الأمنية التي شهدتها منطقة وسط بيروت، وما تخلّلها من صدامات، أن انفلات الوضع الأمني بات يشكّل تحدّياً داهماً أمام الجميع، كما لاحظت المصادر الديبلوماسية التي شدّدت على أن أي مخاطرة بالوضع الميداني ستنعكس بشكل كارثي على مجمل المشهد الداخلي، خاصة إذا تزامن عدم الإستقرار الأمني مع استقالة حكومة «المصلحة الوطنية».

وفي هذا المجال، أكدت المصادر ذاتها، أن هناك فعلاً مظلّة دولية ما تزال قائمة لحماية لبنان، وتحييده عن النار السورية، ولكن هذه المظلّة ليست بالمعنى المتداول، أي أن الساحة اللبنانية محيّدة عن الصراعات الإقليمية بسبب عدم إدراج لبنان على أي روزنامة دولية وإقليمية أولاً، وبسبب انشغال عواصم القرار الإقليمية التي تملك القدرة على تحريك هذه الساحة، بأجنداتها الخاصة، والتي لا تشمل في هذه المرحلة الإستحقاق الرئاسي، وذلك خلافاً لكل المراحل السابقة عندما كانت الساحة اللبنانية تشهد الترجمة لكل التجاذبات والصراعات الإقليمية والدولية.

وبالتالي، فإن عدم الإهتمام الدولي والإقليمي بالإستحقاقات الدستورية في لبنان، لا يعني التراجع عن حماية الإستقرار الذي تعتبره عواصم القرار ضرورة في الوقت الراهن، وذلك لأسباب عدة أبرزها، تأمين الملاذ الآمن لمئات الآلاف من اللاجئين السوريين المتواجدين على كل الأراضي اللبنانية. لكن هذا الواقع يشير، وبحسب المصادر الديبلوماسية عينها، إلى أن هامش المبادرة ما زال واسعاً أمام اللبنانيين لمعالجة كل العناوين الملحّة والضرورية، والمرتبطة بشكل مباشر بحياة اللبنانيين، وذلك بصرف النظر عن الملفات الكبرى، والتي ترتبط في جانب منها بالتسويات في المنطقة والتي لا تبدو متاحة اليوم، وقد تتأخّر وتؤخّر معها حسم الإستحقاقات الأساسية، وفي مقدّمها الإستحقاق الرئاسي.