IMLebanon

السفارات الغربية تتحرّك بحثاً عن كواليس لقاءات ظريف… وتركيز نصرالله على سلاح الجو يقلق واشنطن…

 

بانتظار ان تتبلور «خفايا» وكواليس زيارة المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا الى بيروت، شهدت الساعات القليلة الماضية تحركا للدبلوماسيين الغربيين في بيروت، الذين لم يتأخروا في البحث عن «خبايا» جولة وزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف على المسؤولين اللبنانيين بشكل عام وعلى وجه الخصوص اللقاء الذي جمعه مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله… واذا كانت السفارة الاميركية في بيروت قد كثفت من اتصالاتها البعيدة عن «الاضواء» مع عدد كبير من السياسيين والاعلاميين لمحاولة الاطلاع على المزيد من التفاصيل، فان السفير البريطاني كريس رامبلينغ حمل معه بالامس الى وزارة الخارجية في قصر «بسترس» اسئلة محددة تتعلق بمختلف نواحي النقاشات التي دارت مع الزائر الايراني مذكرا باولوية الغرب في هذه المرحلة والتي ترتبط بثلاثة امور هي «النازحين السوريين»، «والنأي بالنفس»، وسلاح حزب الله..

 

هذه الاولويات، بحسب اوساط دبلوماسيّة في بيروت تشكل «مظلة» عامة لما هو اكثر عمقا وتفصيلا في هذه المرحلة المفصلية التي تمر بها المنطقة حيث تتقاطع حول بعضها الاولويات الاميركية والاوروبية، فيما تتفرد اوروبا في بعض الملفات وفي مقدمها مسألة التعامل مع النازحين السوريين، باعتبارها القضية الاهم بالنسبة للاتحاد الاوروبي الذي يمر في اسوأ ازماته الاقتصادية في ظل الخلافات الجوهرية بين اعضائه حيال التعامل مع سياسة الهجرة، اضافة الى «تعثر» مسألة خروج بريطانيا على نحو هادئ من المنظومة الاوروبية، والازمات الاجتماعية الداخلية لكل دولة على حدا..

 

وفي هذا الاطار، حرص السفير البريطاني خلال لقائه وزير الخارجية جبران باسيل على ضرورة اتباع سياسة «عاقلة» مع مسألة النازحين، خصوصا بعد تقديم وزير الخارجية الايراني «وعد» صريح بتقديم العون للدولة اللبنانية من خلال الاتصالات مع النظام السوري لاعادتهم، وهذا الامر اثار «قلق» لدى الاوروبيين ازاء احتمال حصول ضغوط على هؤلاء ما قد يؤدي الى «ذعر» في صفوفهم وينتج عن ذلك هجرة جماعية الى اوروبا… وفي هذا الاطار، «نصح» السفير البريطاني بعدم الاستخفاف في التعامل مع هذه القضية لانها قد تفتح «ابوابا مغلقة» لا يمكن ان تكون من مصلحة لبنان..

 

طبعا، تأكيد باسيل على عدم قدرة لبنان على الاستمرار باستيعاب اعداد النازحين وجزمه بأن اي تعاون مع طهران او غيرها، سيكون في اطار تأمين عودة آمنة وطوعية، لم يثنِ قبل ساعات من زيارة السفير البريطاني للخارجية، السفير الفرنسي برونو فوشيه عن «التلميح» امام عدد من «الاصدقاء» اللبنانيين، بأن بلاده لن تتهاون مع اي اخلال من قبل لبنان بوعوده حيال الحفاظ على «بيئة» آمنة للنازحين السوريين ويجب التعامل بحذر مع هذا الملف، ملمحاً بأن «جزءاً» اساسياً من الاستقرار الحالي على الساحة اللبنانية سببه الرغبة الدولية في عدم حصول «هجرة معاكسة»، اما اذا حصل ذلك، فستصبح «الضمانات» الحالية غير مجدية…

 

في المقابل، يشترك الاميركيون والبريطانيون في «القلق» على «امن» اسرائيل، لذلك، فان ما طالب به السفير البريطاني في الخارجية من التزام لبنان بسياسة «النأي بالنفس»، وبجميع قرارات مجلس الأمن بما في ذلك القرارين 1559 و1701، ترجمته السفارة الاميركية على نحو اكثر وضوحا من خلال محاولاتها الحثيثة لمعرفة ما حققته زيارة ظريف على المستويين الاقتصادي والعسكري، وكان ثمة حرص شديد على معرفة كيفية مقاربة المسؤول الايراني لهذين الملفين مع المسؤولين اللبنانيين..

 

وفي هذا الاطار، تشير اوساط سياسية بارزة الى ان الاميركيين باتوا مقتنعين، بعد تلقيهم اجوبة صريحة من بعض المسؤولين اللبنانيين، بان التعاون مع ايران اقتصاديا غيرمتاح في المدى المنظور، وتبين على نحو واضح ان ثمة «لوبي» اقتصادي وسياسي في بيروت لن يسمح بتمرير اي تعاون بسهولة على الرغم من «فائض القوة» الذي يملكه حزب الله، وفي هذا الاطار، جرى طمأنة الجانب الاميركي بان الوزير الايراني لم يحمل معه خطة عمل اقتصادية مفصلة، وانما اقتراحات بالمساعدة مشروطة بالرغبة اللبنانية «الجامعة»، وهو لم يعرض التبادل التجاري «بالعملة الوطنية» لان هذا الامر متعذر ولا يمكن ان يتم اسقاط النموذج الاوروبي على لبنان، فالسؤال الذي سيكون مطروحا امام الايرانيين هو ماذا سيفعلون «بالعملة اللبنانية» واين ستصرف اذا كان لبنان غير قادر على مبادلتها بالسلع التي تتناسب مع التقديمات الاقتصادية الايرانية المفترضة، كما سمع الاميركيون من عدد من المسؤولين البارزين انه لن يكون هناك اي سوق «تفضيلية» لايران، واي دخول لها الى السوق اللبنانية سيكون تنافسيا مع غيرها من الشركات..!

 

على المقلب الاخر، تشير تلك الاوساط الى ان الاميركيين لم يظهروا اي من علامات «القلق» ازاء احتمالات التعاون العسكري بين طهران وبيروت، ووفقا لما سربه بعض الذين جرت الاتصالات معهم، تبدو واشنطن مقتنعة بان المؤسسة العسكرية تبدو محيدة عن اي تجاذبات داخلية، ولا يرغب احد في فتح ملف التسليح، لعدم المس بالجيش والدخول في تجاذبات يبدو الجميع غير معني بها، واذا كانت «المساعدات» الروسية قد رفضت فان اي عرض ايراني لن يلقى «اذانا صاغية»، وقد تلقت الادارة الاميركية التزامات واضحة وصريحة من كبار المسؤولين اللبنانيين بعدم المس بالتعاون العسكري القائم مع الولايات المتحدة الاميركية، والمشروط بعدم دخول اي جهة أخرى على «الخط» دون موافقة اميركية مسبقة..؟!

 

لكن المثير في الاتصالات الاميركية الحثيثة، محاولة السفارة الاميركية الحصول على معلومات حيال خلفيات اصرار الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على اثارة مسألة تسليح الجيش اللبناني باسلحة «كاسرة للتوازن» مع اسرائيل مع علمه المسبق بان هذا الامر غير متاح على نحو عملي، وكانت الاسئلة محددة حول منظومة الدفاع الجوي التي تحدث عنها السيد نصرالله قبل ايام من زيارة رئيس الدبلوماسية الايرانية الى بيروت، عطفا على تأكيده اكثر من مرة على ان مسألة تحليق الطيران الاسرائيلي فوق لبنان يجب ان يكون له «حل» في يوم ما، مع احتفاظه على «غوض بناء» حيال ما تملكه المقاومة في هذا الشأن…

 

وينظر الاميركيون، ومن ورائهم الاسرائيليون «بعين الريبة» حيال تدرج السيد نصرالله في مقاربته، ويعتقدون ان الامر ليس عشوائيا وانما يتم بنمط تصاعدي مدروس، مما يطرح اكثر من علامة استفهام حول مقاصده، وتوقيت كلامه، عشية انطلاق عمل الحكومة، وفي ظل ترقب غربي لاطلاق رئيس الجمهورية الحوار الوطني حول «الاستراتيجية الدفاعية»….

 

ووفقا لتلك الاوساط، لم تتمحور الاسئلة الاميركية حول احتمال حصول حزب الله على هذه المنظومة الجوية، في ظل «ايحاءات» بوجود قناعة على وجودها في مخازنه، لكن الاسئلة تمحورت حول اقتراب الحزب من اتخاذ قرار باخراجها الى «النور» بدفع دبلوماسي ايراني، حيث باتت طهران قادرة على حفظ «ماء وجهها» امام السلطات اللبنانية بالتأكيد انها ارسلت وزير خارجيتها الى بيروت وتم رفض عرضه الرسمي، وايران التي لم تخف يوما دعمها لحزب الله باتت الان غير مقيدة في «فتح مخازنها» امام مختلف انواع الاسلحة، كما ان السيد نصرالله بات في وضع يسمح له في وضع «استراتيجيته» العسكرية على «الطاولة» «ومحاججة» محاوريه بانه الاقدر على حماية لبنان في ظل الرفض غير المبرر من قبلهم للمساعدة الايرانية..!

 

طبعا الاسئلة بقيت دون اجابات واضحة خصوصا ان ما دار بين السيد نصرالله وظريف بقي محاطا بجدار من «السرية» لكن الاكثر «اثارة» في هذا الملف هو المعلومات الاميركية عن زيارة قام بها نهاية الشهر الماضي الى بيروت قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني وهم يعتقدون ان نتائجها تبقى اكثر خطورة، وذلك لطبيعة الملفات الامنية والعسكرية التي بحثها مع السيد نصرالله..