Site icon IMLebanon

مخاوف غربيّة من انفلات الشارع

هل اجتازت الساحة الداخلية «قطوع» الفتنة المذهبية؟ سؤال ما زال مطروحاً في الأوساط السياسية رغم كل محاولات تطويق سيناريو الفتنة الذي شهده الشارع في الآونة الأخيرة، وتوقفت عنده أكثر من جهة ديبلوماسية غربية في بيروت، وذلك إثر عدة تقارير تناولت التطورات الأخيرة وخصوصاً في الأسبوع الماضي. وفي رأي هذه الجهات، فإن واقع الأرض لا يتطابق مع إرادات القيادات السياسية، وقد ترسخ ذلك في اللقاءات الأخيرة وتحديداً في البيان التفصيلي الذي صدر بعد الإجتماع المغلق في عين التينه بين الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري، حيث كان الإعلان الصريح عن الوقوف في وجه سيناريو خبيث لتحريك نيران التشنّج والتوتّر الذي يغلب عليه الطابع المذهبي. واعتبرت الجهات بالتالي، أن هذا التوافق السياسي الواضح يجب أن يشكّل قاعدة انطلاق للتلاقي على الملفات الداخلية، وفي مقدّمها الإستحقاق الرئاسي، بعدما بات الشغور الحاصل في قصر بعبدا يهدّد بامتداد الفراغ إلى قطاعات رسمية أخرى، وخصوصاً مجلس الوزراء العالق عند تحدّيات معالجة الأزمات البسيطة كأزمة النفايات على سبيل المثال.

وكشفت الجهات الديبلوماسية نفسها، عن مخاوف ما زالت قائمة إزاء الوضع الأمني، مشيرة إلى أن الإستقرار الذي نعم به لبنان على مدى السنوات الخمس الأخيرة، يتعرّض اليوم للإهتزاز جراء عوامل عديدة قد لا تنفع معها المواقف السياسية ولا تفيد في مواجهتها بشكل فعال. ولذلك، فإن الخطوات المفترضة للوقوف في وجه مشاريع استحضار الفوضى الأمنية، وبحسب الجهات الديبلوماسية ذاتها، تتخطى الإطار الحالي للمعالجات وتتطلّب عزل الساحة الداخلية وبشكل عملي عن ساحات الصراع في المنطقة، ولا سيما الصراع في سوريا التي دخلت منعطفاً حاسماً لجهة قدرة الهدنة الحالية على إنتاج تسوية سياسية أو صفحة جديدة من الصراع العسكري. وفي هذا الإطار، تحدثت عن دينامية يجري العمل على إطلاقها للفصل ما بين تحدّيات الصراع الإقليمي والوحدة الداخلية، أو على الأقلّ الحفاظ أو بالأحرى حماية الستاتيكو الذي سمح بصمود لبنان أمام العواصف الإقليمية، وأوضحت أن تفعيل عمل حكومة «المصلحة الوطنية» تحوّل إلى أولوية لدى عواصم القرار الغربية التي تدرك أن الإستحقاق الرئاسي باق على محطة الإنتظار حتى نضوج التسويات في المنطقة. وأضافت أن الخيارات قليلة أمام كل القوى السياسية وعلى اختلاف انتماءاتها، وهي تدفع نحو الإبقاء على خيار مواصلة الحوار الثنائي بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» في موازاة الحوار الوطني العام، وذلك لاستيعاب أي موجات احتقان مذهبي مرتقبة في المرحلة المقبلة في ظل استمرار الإنشغال الدولي بالوضع السوري وأزمة اللاجئين السوريين التي تفرض نفسها على الساحة اللبنانية في الدرجة الأولى قبل أي عنوان آخر.

وحذّرت الجهات الديبلوماسية نفسها، من أن أي انفلات أمني في الشارع لن يصب في مصلحة أي من الأطراف الداخلية من دون استثناء، ذلك أن تداعياته لن توفّر أي فريق مهما كانت أوراقه قوية، بل على العكس فهو سيؤدي إلى تعطيل المؤسسات الدستورية ورفع وتيرة التأزّم وفتح الأفق على جولات من التصعيد غير المضمون النتائج في ضوء احتمال زوال الغطاء الإقليمي، واحتدام الصراع السعودي – الإيراني الذي يهدّد بشكل فعلي الإستقرار الإجتماعي والإقتصادي، وهو ما برزت أولى مؤشراته إثر الإجراءات السعودية الأخيرة ضد لبنان. واعتبرت أن هذا الواقع يضع كل القوى السياسية مجتمعة أمام امتحان القرار الجدي بتحييد الساحة الداخلية عن الجوار وعدم الإنخراط في رهانات غير محسوبة النتائج ولا تخدم أي أجندة داخلية.