IMLebanon

تخوّف غربي من «حرب لا تشبه مثيلاتها»

حتى يوم أمس كان “هَوَس” الإسرائيليين بأن يخرج مقاتلو حزب الله من تحت أسرّتهم، يؤرشَف في الصحافة العالمية. مراسلة صحيفة “ذي نيويورك تايمز” استمعت أخيراً إلى سكان مستعمرة “زرعيت” الذين أكّدوا لها أنهم ما زالوا “يسمعون ضجيح حفّارات حزب الله تحت رؤوسهم تحفر الأنفاق طوال الوقت”. روى المستعمرون للـ”تايمز” حكايات عن “الحفر الذي يؤرقهم” وهم يشاهدون جنوداً من جيشهم يفتّشون عبثاً عن تلك الأنفاق.

لكن، إلى أرق المستوطنين أضيف أخيراً أرق المحللين من “الآتي”. هل ستندلع حرب جديدة؟ كيف سيكون شكلها ولمصلحة مَن ستنتهي؟ كيف تؤثر الحرب السورية في المواجهة المقبلة بين حزب الله وإسرائيل؟

“يبدو من الغباء التنبّؤ اليوم بما سيحدث في الأيام المقبلة، ومن الغباء أيضاً أن لا يلاحظ المرء كيف أن صراعات الشرق الأوسط الدائرة الآن يغذي بعضها بعضاً وتترابط في ما بينها”، هكذا خلصت رانيا أبو زيد في مجلة “ذي نيويوركر” الأميركية في مقال بعنوان “حزب الله، إسرائيل وشرق أوسط مجزّأ”. أبو زيد ربطت بوضوح عملية اغتيال عناصر من حزب الله في القنيطرة بـ”الحرب الأهلية الدائرة في سوريا”، وقالت إنه “رغم أن الصراع العربي ــ الإسرائيلي هو من عمر إسرائيل نفسها، إلا أن التاريخ سيسجّل أنه تفاقم أخيراً بسبب سوريا، الجرح النازف في الشرق الأوسط”.

جيفري وايت في “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى”، ربط أيضاً بين ما حصل في القنيطرة وشبعا والحرب في سوريا. وايت رأى أنه ليس من مصلحة إسرائيل ولا حزب الله الدخول في حرب كبيرة، “لأن ذلك سيسبب خسائر عسكرية وبشرية وسياسية ضخمة لكلا الطرفين”. ورغم إشارة وايت إلى أن “انخراط حزب الله بنحو ٥ آلاف مقاتل في سوريا قد يخفف من اهتمامه بخوض حرب جديدة مع إسرائيل”، إلا أنه عدّد نقاط القوة التي يتمتع بها الحزب حالياً. ومن بين مكاسب حزب الله بعد حرب تموز والحرب في سوريا ـ حسب الباحث ـ امتلاكه عدداً أكبر من الصواريخ البعيدة المدى (أكثر من ١٠٠ ألف مقابل ١٣ ألفاً قصير ومتوسط المدى في ٢٠٠٦)، تعزيز قدراته الدفاعية الجوية والساحلية، زيادة منظومته المضادة للدروع، واكتساب إمكانات تخوّله اختراق الداخل الإسرائيلي وتنفيذ عمليات بريّة في شمال إسرائيل. “في الحرب المقبلة، سيخترق حزب الله الحدود ويقاتل على أراضي الشمال الإسرائيلية”، استشهد وايت بكلام أحد مسؤولي الاستخبارات الإسرائيلية منذ أيام، وأضاف مذكّراً بالخبرات القتالية التي اكتسبها مقاتلو حزب الله في الميدان السوري وإمكانية استخدام الأراضي السورية لشنّ هجمات على منطقة الجولان.

الكاتب أشار أيضاً إلى تطوير الجيش الإسرائيلي لقدراته بعد عدوان تموز ٢٠٠٦، لكنه قال إنه يستحسن أن “يفرمل الطرفان أي تصعيد باتجاه حرب شاملة، نظراً إلى الوضع الاستراتيجي لكل منهما، أي انشغال حزب الله بالمعارك السورية وضغط الحلفاء على إسرائيل”.

الكاتب حذّر من “الخسائر البشرية الكبرى التي سيصاب بها الطرفان والأضرار الكبيرة التي ستلحق بالبنى التحتية في لبنان وإسرائيل على حدّ سواء”. والحلّ؟ يرى الكاتب أنه بما أن “حزب الله مثل حماس لا يمكن هزمه بالعمليات العسكرية فقط”، لذا على إسرائيل في الحرب القادمة أن “تكون لديها أهداف استراتيجية محددة، مثل ضرب قدرات الحزب العسكرية في الصميم، وضرب البنى التحتية بنحو يلطّخ صيت الحزب كالمُدافع عن لبنان بغية زيادة العداء الشعبي تجاهه في الداخل اللبناني”.

وايت أكد أن لا أحد يمكنه أن يرجّح اندلاع حرب جديدة بين حزب الله وإسرائيل أو لا، لكنه أشار إلى أن “حرب ٢٠١٥ ستكون، في حال حدوثها، أشدّ تدميراً من حرب ٢٠٠٦، خصوصاً أن كل إسرائيل باتت مهددة (من قبل حزب الله) وليس شمالها فقط”.