تطرح اوساط ديبلوماسية غربية في بيروت اكثر من تساؤل ازاء اكتمال لوحة التصعيد الداخلي على كافة المحاور السياسية، في الوقت الذي يزحف فيه شبح الشغور في رئاسة الجمهورية الى المؤسسات العسكرية والامنية من جهة ويقترب هاجس التفجير الامني في عرسال من جهة اخرى.
وتقول هذه الاوساط ان التسليم المطلق من قبل المسؤولين اللبنانيين لقرار الانتخابات الرئاسية الى الخارج قد يكون مبرراً انطلاقا من التجارب السابقة حيث لم يسبق ان انتخب رئيس جمهورية في غياب التوافق الاقليمي والدولي خصوصا في السنوات التي تلت اتفاق الطائف.
لكنها استغربت في الوقت نفسه الانزلاق، وبقرار داخلي، نحو تعميم حالة الفراغ والتعطيل هذه الى اكثر من موقع في الدولة اللبنانية وخصوصاً المواقع الامنية فيما ترتفع وتيرة التصعيد الامني على الحدود مع سوريا مع اكتمال تجهيزات المعركة المرتقبة في جرود عرسال بعد معركة القلمون.
ومن بين الاسئلة المتداولة في الاوساط الديبلوماسية، مصير الاستقرار الداخلي الذي تمكن من الصمود رغم كل الاحداث الامنية والارهابية وعمليات الاغتيال التي شهدها لبنان منذ العام2005 وحتى اليوم، حيث كشفت ان صيانة السلم الاهلي لم تتحقق نتيجة اي مظلة دولية حامية، بل بسبب ارادة جزء من اللبنانيين بعدم تكرار تجربة الحرب الاهلية رغم توافر كل ظروفها ومسبباتها في السنوات الاخيرة. واضافت ان التأزم على الصعيد الرئاسي لا بدّ وان ينعكس توتراً في الشارع خاصة بعد المنحى الاخير الذي سلكه الخطاب السياسي لدى قيادتي 8 و14 آذار بعد مرور عام على الفراغ في قصر بعبدا، علماً ان غياب رأس الدولة الذي مرّ من دون تداعيات سلبية ومباشرة على مؤسسات الدولة، بدأ يتظهر بقوة اليوم، نتيجة الكلام المتردد في الكواليس الديبلوماسية عن استمرار الازمة ربما لبضعة سنوات، وارتهان كرسي رئاسة الجمهورية اللبنانية الى لعبة التجاذبات الاقليمية والتي ما زالت في بداياتها ومن الصعب تلمس اي ملامح تسويات سياسية.
وفي ضوء التبدلات في جغرافية المنطقة وخصوصا في سوريا، تحدثت الاوساط نفسها عن نصائح غربية ثم ابلاغها الى اكثر من مرجعية لبنانية سياسية ودينية مسيحية واسلامية، تقضي بالحفاظ على الواقع الحالي وعدم التفريط بأي بقعة جغرافية مهما كانت صغيرة ومحدودة من الارض اللبنانية. وشددت على ان الخطر الارهابي المتمدد في سوريا على اكثر من نصف الخريطة، يعمل على توظيف الاشتباك الداخلي في النقاش دون الاستحقاقات الدستورية وحقوق كل طائفة، للدخول من الباب الخلفي وتسجيل خرق في الساحة اللبنانية خصوصاً بعدما بات المسؤولون يتسابقون في دفع البلاد نحو حافة الهاوية من خلال الضغط المتبادل لتحقيق اهداف سياسية بالدرجة الاولى ثم امنية في الدرجة الثانية، بغية ارساء امر واقع جديد قد يقود الى الحاق الساحة اللبنانية بالساحتين السورية والعراقية من حيث تمدد «داعش» وخلق ارباكات امنية تفوق قدرة كل الاطراف اللبنانية على المواجهة.
وقالت الاوساط الديبلوماسية انه في مناسبة مرور عام على الشغور الرئاسي، فإن اكثر من بعثة ديبلوماسية غربية في بيروت، قد سجلت ملاحظات الى ادارات بلادها، تضمنت بعض المخاوف الجدية على الاستقرار الامني خاصة خلال الاسبوعين الماضيين وذلك نتيجة غياب التوازن في المعادلة السياسية الداخلية كما الامنية، وبالتالي اندفاع الامور بشكل تلقائي نحو التصادم في الشارع في ضوء الخلاف الكبير حول عرسال ومصير المسلحين المتمركزين في جرودها والذين تضاعف عددهم بعد معركة القلمون.