لافتٌ جداً هذا الاهتمام الغربي بلبنان، الذي يتوالى، في مسار لا يتوقف، خصوصاً منذ ما بعد جريمة انفجار المرفأ حتى اليوم، والذي بلغ ذروته في الأشهر القليلة الماضية، بدليل أنه لم يعد وقفاً على الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وفريق عمله فحسب، بل تخطاه إلى حضور أميركي فاقع، إذ يكاد لا يمر يوم من دون أن يكون عندنا «ضيف» أميركي موفد إمّا من قِبَلِ البيت الأبيض، وإمّا من سائر المؤسّسات والدوائر ذات الصلة بإدارة الرئيس جو بايدن.
بدايةً أودّ التذكير بالمبادرة الفرنسية التي قادها سيد «الأليزيه»، الرئيس ماكرون مباشرة وعبر المساعدين من وزراء ومستشارين الذين جهدوا للوصول إلى حلول في هذا البلد تُحقٍّقُ بعضاً من رغبة باريس التاريخية في دعم لبنان، وتوفر نقطة إيجابية لحملة ماكرون الرئاسية في ظل اهتزاز شعبيته، بل تراجعها… ومنذ البداية توافر لدينا اقتناع، مبنيٌّ على معلومات، بأن واشنطن لا تزال تعتبر لبنان من اهتماماتها، ولن تسمح لباريس أن تزايد عليها في المبادرات واقتراحات الحلول. إلا أن باريس لم تيأس وإن كانت قد راكمت الخيبات عندنا، مدركةً أن الدور الأميركي في تفشيلها لم يعد مجرّد تقدير، إنما بات حقيقة ملموسة.
وفي الآونة الأخيرة ازداد الاهتمام الغربي بلبنان، عشية الانتخابات النيابية العامة المقرر إجراؤها في شهر أيار المقبل، وصارت حالنا ينطبق عليها المثل اللبناني السائر: «ما منلحق نودّع العاشق بيجينا المشتاق»… فما أن يغادر وفد البنتاغون حتى تظهر طلائع وفد الخزانة، وما أن يذهب هذا حتى يهل هلال موفد سكرتيرية الدولة (وزارة الخارجية)، وقبل أن يضع هذا رجله في طائرة الإياب، يشرّف أحد وفود الكونغرس، ومن بعده الموفد – المكّوك بين بيروت وفلسطين المحتلة إلى مفاوضات ترسيم الحدود غير المباشرة…
وبينما لا يتوانى الاتحاد الأوروبي عن المشاركة في قوافل الزوار، وأيضاً الفاتيكان (…) تمضي واشنطن في العمل على إنجاز بناء سفارتها في لبنان التي ستكون ثاني أكبر سفارة أميركية (بعد العراق) في المنطقة…
ألا يدعو هذا كله إلى التساؤل؟!.