IMLebanon

مهوِّلو الإعلام الغربي مستاؤون: «نصرالله مسرور!»

«حزب الله بات قوة إقليمية لا يُستهان بها»، حسناً، ماذا بعد؟ لم يكد الإعلام الغربي يعترف بإنجاز حزب الله في محاربة «المجموعات الإرهابية» بعد انتصار جرود عرسال، حتى تنبّه بعض المحللين الأميركيين إلى «خطورة» ما قد يعنيه ذلك، خصوصاً تجاه الحليف الأول للولايات المتحدة: إسرائيل.

فـ«حزب الله الجديد» الذي لم يستطع إعلام الإدارة الأميركية إخفاءه هذه المرّة، ظهر حزباً «قوياً في الميدان والسياسة وفي الداخل اللبناني والمنطقة، يقاتل مع الجيوش ويهزم المجموعات المتطرفة». كذلك إن «حِرَفيته في القتال وترسانته تعاظمتا بعد انخراطه في الحرب السورية». إشارات حمراء كثيرة وضعها معظم الصحافيين على كلّ كلمة وتوصيف من هذا النوع، والسبب، أن القوة المذكورة تلك ما زالت تشكّل التهديد المباشر الأكبر لأمن إسرائيل. لذا، كان لا بدّ من نبرة محذّرة ومهوّلة في الإعلام ذاته.

بعض المحللين انتقدوا بشدّة تغافل الإدارة الأميركية عن «تعاون حزب الله مع الجيش اللبناني الذي تقدّم له الولايات المتحدة الدعم منذ عام ٢٠٠٦».

صحافية لبنانية تقدّم النصح إلى واشنطن وتل أبيب بشأن كيفية مواجهة حزب الله

مليار ونصف مليار دولار هو الرقم الذي تكرر في معظم المقالات الغاضبة للإشارة إلى حجم المساعدات الأميركية المقدّمة إلى لبنان، من دون أن يتوقف المهوّلون عند نوعية السلاح المحدود المقدَّم إلى الجيش أو عند ضآلة المبلغ نسبة إلى المساعدات العسكرية الأميركية لدول أخرى، وآخرها، للمفارقة، الهبة العسكرية الأكبر لإسرائيل العام الماضي التي بلغت ٣٨ مليار دولار على عشر سنوات (مقابل مليار ونصف للبنان خلال السنوات العشر الماضية). موقع «ذي دايلي بيست» سأل المتحدّث باسم البنتاغون إريك باهون، عن «الوضع غير المريح» هذا (التعاون بين الجيش اللبناني وحزب الله)، لكن الأخير «قلّل من أهمية الأمر» حسب الموقع، وقال إنه «إذا وردتنا تقارير موثوقة عن تعاون بين الجيش اللبناني وحزب الله فإننا سنحقق في الأمر». «يبدو أن البنتاغون لم يسمع خطاب (الأمين العام لحزب الله السيد) حسن نصرالله الأخير»، علّق كاتب المقال، مشيراً الى إعلان نصر الله الصريح بشأن التعاون مع الجيش اللبناني. «كان واضحاً جداً سرور نصرالله خلال خطابه الأخير» لاحظ الكاتب شارحاً أن أسباب «السرور» لا تعود فقط إلى الانتصار على المجموعات المتطرفة، بل أيضاً «إلى نجاح عملية إطلاق أسراه المحتجزين لدى المجموعات المعارضة». «سرور نصرالله» انعكس أيضاً خلاصة جديدة عند الكاتب فقال إن «هناك شيئاً تاريخياً في ما يشهده حزب الله حالياً»، إذ «للمرّة الأولى منذ ٣٥ سنة على نشأته، لا يواجه حزب الله أي معارضة قوية ضده في الداخل اللبناني». ففي بلد طائفي كلبنان «رئيس الجمهورية المسيحي هو الصديق الوفي لحزب الله»، كذلك فإن «تفاهماً يجمعه برئيس الوزراء السنّي».

ما العمل إذاً؟ بعض الصحافيين الأميركيين أشاروا إلى خيار تفعيل العقوبات التي «من شأنها أن تخنق حزب الله». إلا انهم ذكّروا بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أعلن قبل أسابيع أنه سيبتّ في أمر العقوبات الجديدة «خلال ٢٤ ساعة»، لكنه «لم ينطق بكلمة بخصوصها حتى الآن!». مجلّة «ذي إيكونوميست» نبّهت بوضوح إلى «تزايد حجم ترسانة سلاح حزب الله»، مشيرة في أحد مقالاتها «من عرسال» إلى أن «حزب الله بات يشبه أكثر فأكثر جيشاً نظامياً فعّالاً، وهذا ما يقلق عدوّه التقليدي إسرائيل». مقال «ذي إيكونوميست» حاول تجميع الأسباب التي قد تدفع إسرائيل الى شنّ حرب على لبنان في المستقبل، ومن بينها ما يزعمه بعض المسؤولين الاسرائيليين، أن «إيران تبني مصانع للصواريخ في لبنان»، والسبب الآخر قد يكون «تعزيز حزب الله وجوده على الحدود السورية مع الجولان» المحتلّ، ما يعني «فتح إيران جبهة ثانية ضد إسرائيل». هذا ما قد يدفع الكيان الصهيوني إلى شنّ حرب على لبنان «ستكون أقسى من سابقاتها» كما أجمع معظم المحللين الغربيين.

ما الذي يجب أن تفعله واشنطن لمواجهة «حزب الله» الجديد القوي إذاً؟ لم يقدّم معظم الصحافيين اقتراحات مباشرة للإدارة الأميركية، لكن الصحافية اللبنانية حنين غدّار تولّت ذلك. مقالها في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»

، حيث تحلّ باحثةً زائرة، يدّعي تقديم مقترحات في «كيفية ردع حزب الله الجديد». غدّار التي حذّرت من «تزايد نفوذ حزب الله في المنطقة» قبل أشهر، أخذت على عاتقها تقديم النصائح إلى واضعي الخطط في واشنطن حول «كيفية احتواء تهديد حزب الله داخل لبنان وخارجه، سواء عبر الوسائل العسكرية أو الدبلوماسية». لكن تقريرها جاء مليئاً بالبديهيات والكلام العام المبهم، ومن أهمّ ما توصّلت إليه الباحثة اللبنانية، أن حزب الله يُعَدّ «أحد أهمّ عناصر الجيش الإيراني الإقليمي». لذا، على واشنطن أن تعتمد «استراتيجية إقليمية تهدف إلى كبح جميع الميليشيات الشيعية الإيرانية». غدّار لم تتوقّف هنا، بل أرادت أن تشمل نصائحها كافّة القوى الإقليمية، فكتبت أنه «من أجل التصدّي لحزب الله حالياً يجب على الولايات المتحدة وإسرائيل وخصوم الحزب من العرب مواجهة واحتواء خططه ودوره في سوريا والعراق وبلدان أخرى في المنطقة». الأمر اللافت في مجمل تقرير غدّار يبقى قيامها كصحافية لبنانية، بتوجيه النصح إلى واشنطن وتل أبيب، للأخذ بالاعتبار الدور الإقليمي لحزب الله، في أي خطط دبلوماسية… أو عسكرية لمواجهته!