وهذا التوصيف (المنافقون) هو أقلّ ما يمكن أن يُطلق على الرؤساء الغربيين الذين يهرولون الى فلسطين المحتلة، ليس فقط لالتقاط الصور مع سفّاح العصر بنيامين نتانياهو إنما كذلك لإعلان مسؤوليتهم عن هذه المجزرة غير المسبوقة والمستمرة في المذابح وعمليات التهجير والتدمير، وكأن هناك مَن ينتقم ليس من البشر وحسب بل أيضاً من الحجر، ناهيك بانتهاك القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية حتى في أدنى درجات سُلّمها.
بصراحة لم يفاجئنا موقف تجو بايدن، الرئيس الأميركي التافه، ولا من سائر الرؤساء والوزراء وكبار المتهافتين على تقديم «واجب» الخضوع للمحتل المجرم، إنما المفاجأة في موقف رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك. لماذا؟ بداءة لا نجهل أو نتجاهل أن بريطانيا هي رأس الأفعى في قيام الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، منذ وعد بلفور المشؤوم، وقد استمرت على هذا النهج المتمادي ظلماً وقهراً ونكراناً لحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه… نقول إننا نعرف ذلك، بالطبع، ولكن بقي في الظن، بأن رئيس الوزراء المتحدّر من الأصول الهندية لا بدّ أن يكون في خلفياته وجيناته الحدّ الأدنى ممَا عانته الشعوب الهندية العظيمة جرّاء الاستعمار البريطاني الذي أساء الى روحانية الهند وتاريخها المجيد وشخصياتها التاريخية العملاقة. وكان في الظنّ كذلك أن هذا الهندي الأصل ربّـما يحتفظ ببعض تراث رجل السلام الأول المهاتما غاندي، ورئيس الوزراء الهندي الاستثنائي نهرو، ورئيسة الوزراء الكبيرة أنديرا غاندي…
طبعاً، لم نكن ننتظر من هذا السوناك أن يندّد بالمجازر التي يرتكبها الصهاينة ورئيس حكومتهم السفّاح نتانياهو، ولا بالطبع أن يؤيد نضال الشعب الفلسطيني المظلوم ولا حتى أن يدعو الى رفع الحصار عنه، فقط كنا نمنّي النفس بأن يدعو الى وقف إطلاق نار ولو في هدنة موقتة ليتمكن الفلسطينيون في غزة من توفير الأكفان لجثامين الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ!
إن المجازر المرتكَبة في غزة الصامدة المناضلة، تعرّي الغرب الأميركو – أوروبي من آخر ورقة تين.
ويبقى أننا ننظر الى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي سيحلّ اليوم عند المجرم السفّاح (الفاسد، بشهادة القضاء) نتانياهو، علّ الفرنسي يمتاز، ولو بالنذر اليسير من التمايز، عن الآخرين. لا نأمل بأن يفعلها إكراماً للحق الفلسطيني الصراح، بل حفظاً لما تبقى من شعارات ذلك الرابع عشر من تموز الذي غيّر مسار التاريخ.