فهل تكون طرابلس انطلاقة «لخربطة» الوضع الأمني وتفجيره في بعض المناطـق ؟
عادت طرابلس من جديد لتكون المحطة الابرز اليوم على الساحة اللبنانية، بعد انتفاضتها الشعبية بحثاً عن لقمة العيش، في شوارعها الضيقة والفقيرة ، حيث تبرز اكبر مشاهد التناقض، فإلى جانب قصور السياسيين، هنالك حي المقابر وحي التنك وباعة الخضر المتجولون والاطفال الجائعون المنتشرون في الازقة والشوارع، حيث يُفضّل الموت بالوباء على الموت جوعاً، وسط المشاهد الدامية مع تحوّل المطالبة بأبسط حقوق المواطنية الى مشاهد عنيفة، أسقطت ضحيتين من المحتجين، وعدداً كبيراً من الجرحى في صفوف القوى الامنية والمتظاهرين، تفاقمت ليل الخميس مع إحراق سراي وبلدية طرابلس، الامر الذي اوجد تأويلات عن سبب القيام بكل هذا العنف، في حين ان التظاهرات كانت للمطالبة بلقمة العيش ووقف اجراءات التعبئة، والسماح للموطنين بالعمل نظراً للفقر الذي يعانون منه، مع توقف عملهم اليومي، اذ ان معظمهم يعملون يومياً كي يحصلوا على القوت والغذاء لاطفالهم، في وقت لا تقوم فيه الدولة بواجباتها، واقله تأمين رواتب كما تفعل دول العالم، حين تجبر مواطنيها على الحجر الصحي لمدة طويلة، خصوصاً للفقراء منهم، وهم اكثر الموجودين في عاصمة الشمال، المدينة الاكثر فقراً على واجهة البحر المتوسط بحسب تقارير دولية.
انطلاقا من هنا ثمة اسئلة تطرح حول توقيت وتفاقم هذه الاحتجاجات فقط في طرابلس وحرق المباني الرسمية؟ وهوية محرّكيها لان هنالك بالتأكيد جهة فاعلة تقوم بهذه الاعمال، وليس هؤلاء الجائعين خصوصاً بعد ظهور قنابل المولوتوف والقنابل الدفاعية، والمفرقعات النارية التي اطلقت في اتجاه القوى الامنية، والكل يعرف غلاء أسعارها، فكيف يملك الفقراء اثمان تلك الوسائل التي استعملت خلال المواجهات؟
وفي هذا الاطار يقول مصدر سياسي مطلّع لـ «الديار» : هنالك افتراضات عديدة، منها حث المعنيين بالتشكيلة الحكومية على الاسراع في إنهاء هذه المعضلة، وهنا هوية الداعي معروفة، على الرغم من انّ اكثرية هؤلاء لا يرّف لهم جفن مهما حصل في اي منطقة لبنانية من خراب، لان مصالحهم الخاصة فوق كل اعتبار، وأهم من اي نقطة دماء تسقط من شهيد جائع، كما هنالك مَن يحاول توظيف الاحتجاجات ضمن اجندة سياسية معينة، والبعض يسعى الى تفجير الوضع اللبناني، لذا وجد في الاحتجاجات والوضع المعيشي المأزوم، مناسبة وفرصة لضرب آخر ركائز الاستقرار اللبناني، وهي خطوة سهلة لان ضرب الاستقرار وتفجير الوضع الامني لا يحتاج الى وقت طويل في لبنان، فهو يتنقل بسرعة خصوصاً ان مقوماته موجودة، ابرزها إدخال الوتر الطائفي على الخط، مما يسرع في إشعال الوضع وانتقاله الى عدد من المناطق بسرعة البرق، خصوصاً تلك التي تضم الطائفتين السنّية والشيعية، مؤكداً أنّ طابوراً خامساً ارهابياً مدعوماً من جهة معينة يقوم بذلك، ما ينذر بمخاوف كبيرة وسيناريو امني خطر جداً، آملاً ألا ينجح لان الجيش والقوى الامنية في المرصاد، لأي عملية تخريب لإستقرار البلد، كما ان الاجهزة مستنفرة ولن تسمح لأي كان بتنفيذ هذا السيناريو، لافتاً الى إمكانية مساهمة دولة اقليمية بذلك بحثاً عن دور لها في لبنان، افتقدته منذ فترة طويلة.
واعتبر المصدر أنّ ما جرى خلال الايام القليلة الماضية، في عاصمة الشمال ليس عبثياً، بل تمّ التحضير له عبر إرسال ذلك الطابور للقيام بعمليات إستفزازية ، داعياً المحتجين الى الوعي والتيقظ ، كي لا يسمحوا لهؤلاء المخرّبين بتحقيق اهدافهم. وفي الوقت عينه دعا القوى الامنية الى التعامل بعقلانية كبيرة مع المحتجين، لان احداً لا يستطيع لجم الثورة والجياع، وعندئذ ستسقط كل التدابير، والجوع لن يرحم احداً.
الى ذلك نقل المصدر أن كبار المسؤولين اللبـنانيّين، تلقوا تحذيرات منذ ايام من مسؤولين غربيّـين، بأن الوضع خطر جداً، وهنالك تحضيرات «لخربطة» الوضع الى اقصى حد، لان البلد سيهـتز ويدخل في فوضى عارمة، من الصعب جداً ضبطها، والمطلوب تنفيذ مطالب الشعب المحقة ، وهنا تكمن الخطورة الكبرى لان لا شيء من هذا سيتحقق، بعد ان اعتدنا عدم نيل ولو جزء بسيط من حقوقنا إلا بالعنف.