كلما ضرب الارهاب في أي مكان في الغرب – وخارج الأرض العربية والاسلامية – يصاب العالم الغربي ب النقزة، والصدمة، والهول! وتتصرف الحكومات والشعوب هناك، وكأن مفاجأة لا تخطر على بال أحد قد وقعت، وأصابت الجميع بالانشداه وعدم التصديق والانكار، وان المستحيل قد حدث، وان السماء وقعت على الأرض! وقد عاش العالم – بما فيه الغرب – سنوات وعقوداً، وهو يرى هذا النمط من الارهاب التكفيري الأعمى والوحشي يمارس بشكل عادي، وكنموذج حياة يومي في المنطقة العربية والاسلامية، ويتابع ذلك بأعصاب هادئة، وبنفْس مطمئنة، حتى وهو يرى أنظمة عربية تنهار، وشعوباً عربية تحترق بنيران الحروب والفتنة التكفيرية الكبرى، دون أن يرف له جفن، أو يرق له قلب، أو يتحرك لديه ضمير!..
***
الحالة معاكسة وبخاصة في العالم العربي… وكلما ضرب الارهاب التكفيري في اي مكان في العالم، تعم العرب موجة حقيقية من الحزن والتعاطف. ولا يحدث ذلك على سبيل المجاملة أو اللياقة أو الدبلوماسية، وانما عن احساس عميق بألم الجراح وأوجاعها ومآسيها، لا لشيء الا لأن الشعوب العربية تذوق هذا الطعم المر والعلقمي على مدار الساعة، وتعرف طعمه جيداً! وهذا التعاطف العربي الانساني مع بلجيكا هو عميق وحقيقي بعد الاحداث الوحشية التكفيرية في بروكسل، وهو كان كذلك أيضاً بعد المجزرة التكفيرية في باريس قبل ذلك، وبعد كل غزوة ارهابية في أي مكان في العالم!
***
على الرغم مما في الغرب الأوروبي والأميركي، من عبقرية وذكاء خارق وعلم غزير وتقنيات متطورة لم يسبق لها مثيل، فمن المدهش أن الدول الغربية الكبرى والعظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، تتصرف بغباء لأنها لم تتعلم الدرس، ثم تتظاهر بالغباء وبادعاء الجهل في كيفية القضاء على جرثومة هذا الوباء التكفيري الذي يجتاح العالم اليوم… وعلى سبيل المثال، فهي قد خلقت الوحش ورعته وأرضعته، وعندما اشتد ساعده انقلب على صانعيه، كما كان أمر القاعدة وبن لادن في أفغانستان… وكما حدث مرة أخرى بتفقيس الوحش الداعشي لاحقاً، ويكرر اليوم ما فعله سلفه! وأخطأ الغرب مرتين وفي الحالتين السابقة واللاحقة… وصحيح أنه حقق أهدافه في ضرب الأرض العربية والاسلامية بأيدي أبنائها… ولكنه في المرتين ارتد الوحش على صاحبه، وبدأ في نهشه كما نرى اليوم!
***
ابو بكر البغدادي هو اليوم في متناول رصد الاستخبارات الأميركية كما كان بن لادن قبله، وهي قادرة على ضرب الرأس بدلاً من اضاعة الوقت بقطع أذنابه المنتشرة في العالم! ومع ذلك فإن هذا السلوك وحده لا يكفي… فالأهم من قطع الرأس، مكافحة الفكر التكفيري الهدام بنَفَس طويل، ومحاصرة منابع هذا الفكر، وسد فراغه بالفكر الحقيقي للأديان كافة، النابع من المحبة والتسامح وقبول الآخر والتعاون لنشر رسالة السلام في العالم! والمشكلة الحقيقية هي أن السلام هو العدو رقم واحد لتجار السلاح ومصانع السلاح ولتجار الحروب في العالم!