IMLebanon

الغربيون يسألون ويشككون: أيمكن إنتاج رئيس «صنع في لبنان»؟

للمرة الأولى منذ عقود تبدو السفارات الغربية في لبنان في موقع المفتقر إلى المبادرة. وللمرة الأولى تختلف طبيعة لقاءات الديبلوماسيين الغربيين بالمسؤولين اللبنانيين. في السابق، كان الغربيون يتصرفون بصفتهم يعرفون ويؤثرون ويقررون. أما اليوم، فيبدو لهم «أن أهل مكة أدرى بشعابها». الغربيون يطرحون الأسئلة في هذه الأيام… أما الأجوبة فهي «صنع في لبنان».

أبرز سؤال يحمله الغربيون معهم في كل زيارة لمسؤول لبناني هو: هل من الممكن حصول تسوية رئاسية؟

بغض النظر عن الإجابات التي يسمعها هؤلاء، يكررون تأكيد المؤكد بشأن ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن ووجوب أن يكون القرار لبنانيا، ليخلصوا إلى التشكيك بالقدرة المحلية في التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى انتخاب رئيس من دون تدخلات خارجية.

يقول أحد الديبلوماسيين الغربيين المتابعين للاتصالات الداخلية إن الرئيس سعد الحريري «جدّي في خيار تبني ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة، ويبدو أنه أبلغ عون والرئيس نبيه بري صراحة بذلك»، مشيرا إلى «أن المقربين من الحريري يبدون حماسة لهذه الفكرة ويعملون على تحقيقها». ويعبر الديبلوماسي نفسه، عن اعتقاده بأن السعودية لا تبدي أي قرار في الملف اللبناني وقد أبلغت الحريري بذلك، مشددة على أنها لا تريد التدخل في هذا الموضوع كما أنها لا تريد تحمّل مسؤولية تبعات قرارات الحريري سواء أكانت إيجابية أم سلبية.

ويقلل الديبلوماسي في الوقت نفسه من أهمية تغريدة القائم بالأعمال السعودي في بيروت وليد البخاري التي أشاد فيها بحكمة الوزير الأسبق جان عبيد، وينصح بعدم إعطاء التغريدة أي دلالات استراتيجية قائلا إنها «لا تعبر عن موقف السعودية من الملف الرئاسي اللبناني».

يخلص الديبلوماسي إلى أنه للمرة الأولى منذ عقود «لا يبدو العامل الخارجي مؤثرا في الملف الرئاسي اللبناني». ويضيف: «هناك فرصة داخلية حقيقية للتوصل إلى تسوية رئاسية، لكن لن تدوم هذه الفرصة طويلاً ومن الممكن أن تتبدل الصورة الإقليمية والدولية بعد الانتخابات الأميركية التي ستجري في الثامن من تشرين الثاني المقبل».

ويبدو أن ثمة من يربط الاستحقاق الرئاسي في الولايات المتحدة بمدى التدخل في شؤون المنطقة ومنها لبنان، وعليه فإن هناك حالة من عدم الاهتمام بملف الرئاسة اللبنانية في انتظار ما قد تحمله الانتخابات الأميركية من تبدّل في سياسات الولايات المتحدة الخارجية.

وفي هذا السياق، يرى الديبلوماسي الغربي نفسه أن الوضع الحالي في سوريا يميل إلى إخفاق الغرب في تحقيق أي مكسب في سوريا وأن الدفة تميل هناك لمصلحة روسيا والنظام السوري وايران.

برغم لغة التشكيك الغربية، يشير الديبلوماسي إلى إمكان حصول اتفاق لبناني ما، لكنه يعبر عن خشيته ألا يكون الاتفاق لمصلحة سعد الحريري وفريقه وأن يضطر الأخير إلى تقديم تنازلات كبيرة ثمن التسوية التي تعيده الى رئاسة الحكومة. وإذ يلفت الانتباه إلى أن الحريري يرى أن من شأن عودته إلى رئاسة الحكومة حلّ الكثير من مشاكله الداخلية، يرى أن ذلك لا يبرر أن يكون الثمن الذي سيدفعه الحريري باهظا إلى الدرجة التي تفقده هامش المناورة في اللعبة السياسية الداخلية.

وردا على سؤال عما إذا كان الغرب غير مرتاح لإنجاز تسوية رئاسية لبنانية بأدوات محلية، يشدد الديبلوماسي الغربي على أن الدول الغربية تشجع أي تسوية لبنانية لأنها تريد إراحة «هذا البلد الذي يتحمل أكثر من طاقته في ملف النازحين السوريين». لكنه يلفت النظر في الوقت نفسه إلى أن الغرب يريد تسوية متوازنة تؤمن الاستقرار الداخلي وتعيد الحياة الى المؤسسات الدستورية من دون إيجاد مشاكل جديدة. ويختم أن الخارج يريد للبنان تسوية تحفظ حقوق جميع الأطراف بما يؤدي الى المزيد من تثبيت معادلة الأمن والاستقرار.