أين أصبحت علاقة «المردة» و«القوات اللبنانية»، وما الذي يمنع لقاء الدكتور سمير جعجع والنائب سليمان فرنجية حتى اليوم؟ عِلماً أنّ زوّار معراب ينقلون أنّ «الحكيم يشيد أخيراً في مجالسه وأمام زوّاره بفرنجية، ويتحدّث عنه بإيجابية». فهل مِن خضّةٍ مسيحية إيجابية أخرى؟ وهل يسبق لقاء فرنجية – جعجع، لقاءَ جعجع والعماد ميشال عون؟ وما الذي يمنع ذلك في ظلّ أجواء إيجابية متبادلة، وتقاذف إعلامي متوقّف إنْ لم نقُل مضبوطاً منذ أكثر من عام؟ بالإضافة إلى عمل متواصل للجنة مشتركة شُكّلت منذ انتخاب البطريرك مار بشارة بطرس الراعي لمتابعة مهمّة التقريب بينهما والعمل على طيّ الملف، بعدما تخَطّت القطيعة بينهما عامَها الـ37؟
اعتبرت أوساط سياسية أنّ لقاءً مسبقاً فجائياً يُعقَد بين جعجع وفرنجية من شأنه أن يشكّل صدمةً إيجابية في الشارع المسيحي، وفي الأوساط الحزبية المسيحية، الأمر الذي من شأنه ربّما تسريع لقاء عون وجعجع وليس العكس. في سياق ذلك، أوضحَت مصادر قريبة من فرنجية أنّ لقاءَه مع جعجع منفصل عن لقاء الأخير مع عون الذي يشجّعه «المردة».
وتقول المصادر إنّ «لقاء جعجع بفرنجية ليس مطروحاً اليوم، علماً أنّ لقاء جعجع بعون لا يسرّعه أو يؤخّره، إذاً لا ارتباط بين الملفين. فلـِ الجنرال أسلوبُه ولقاءاته واتصالاته، ولتيّار «المردة» أسلوبُه ولقاءاته وطريقته في إدارة ملفّاته وعلاقته ضمن تحالفاته الثابتة التي لا تُحرج الجنرال إذا ما قرّر لقاءَ جعجع، وفي حال قرّر فرنجية لقاءَ جعجع فهو أيضاً لن يُحرج الجنرال، إذ إنّ للفريقين حيثيتهما ومواقعَهما الجيّدة والمعلومة من الجميع.
«قوات» – «مردة»
أما بالنسبة إلى أعمال اللجنة، فإنّها وفي المراحل الأولى لعملِها اجتمعت بشكل مكثّف، أمّا اليوم فقد أصبحَت تجتمع عند الضرورة، والتواصل يتمّ عند حصول أيّ طارئ. وللّجنة مهمّات كثيرة، أهمُّها إراحة الأجواء على الأرض وضبط الخطاب والتمَنّع عن التجريح الشخصي في الإعلام مع تركِ الحرّية للفريقين للاحتفاظ برأيهما السياسي، لأنّ المعتقدات السياسية حقّ مشروع لكلّ فريق.
ولفتَت المصادر إلى أنّ اللجنة أنجزَت مهمتها، وبات هناك تطبيع في العلاقات بين «القوات» و»المردة» والتزام من الطرفين بكل المسائل المتّفَق عليها، واصفةً علاقة «المردة» مع «القوات» اليوم بأنّها أفضل كثيراً من السابق لأنّ الخلاف تنَظّم وأصبح محصوراً بالاختلاف السياسي وبعيداً من التشنّج في الشارع.
أمّا هدوء السجالات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيصِفُه المتابعون بالمهادنة السياسية، إذ إنّ الطرَفين يعملان على إبقائها مُهادنة قدر المستطاع، نظراً لخصوصية المواقع التي يصعب ضبطها بشكل تام، إلّا أنّ الأجواء الإيجابية تُرخي بظلالها.
ماذا يمنع لقاء جعجع – فرنجية؟
يجيب الوزير السابق يوسف سعادة، وهو القريب من فرنجية، أن لا عائق لدى رئيس تيار «المردة» إذا كان هناك ضرورة مسيحية للّقاء أو ضرورة وطنية، مذكّراً بأنّ فرنجية جلسَ مع جعجع في بكركي وعلى الطاولة نفسِها، طاوياً صفحةً كاملة بمجرّد حصول تلك الجلسة.
ويلفت إلى أنّ «اللقاء الثاني تحَدّده الضرورات المسيحية والوطنية، أمّا أن يعقد اللقاء لمجرّد الصورة من دون صدور أيّ نتائج إيجابية عنه، فنعتقد أنّنا لا نحن نريده، ولا هم أيضاً». ويؤكّد سعادة «أنّنا نردّ على أيّ إيجابية بالمثل، وأكثر، سواءٌ صدرت عن معراب أو أيّ فريق آخر، عِلماً أنّنا نشجّع هذا الجوّ الإيجابي المهيمن اليوم على الساحة المسيحية، ونحن جاهزون إذا دعت الضرورة».
تيّار المردة يؤيّد الحوار المسيحي
أمّا بالنسبة إلى حوار «القوات» و»التيار الوطني الحر»، فيشدّد سعادة على أنّ تيّار «المردة يشجّع هذا الحوار ويعتبر أنّ الفريقين لديهما حجمهما على الساحة المسيحية، وحوارهما يؤثّر إيجاباً على هذه الساحة».
وفيما اعتبرَت أوساط متابعة أنّ «لقاء جعجع – فرنجية لم يُعقد بعد لعدم إثارة حساسية عون ومَنعاً لإحراج فرنجية»، يُوضِح سعادة، «أنّنا لسنا محرَجين مطلقاً، بل بالعكس، عندما دعَتنا بكركي، لبّينا الدعوة وقلنا إنّنا مستعدّون لتلبية أيّ دعوة موجّهة إلينا من بكركي وما زلنا مستعدّين، ولو أنّنا نرى أن لا جدوى اليوم من الدعوة إلى جلسة رباعية لأنّها لن تعطي نتائج».
أمّا في ما يتعلق باللقاء مع جعجع، فيؤكّد أنّه منفصل عن التحالف مع عون الذي أصبح ثابتاً، معتبراً أنّ أيّ خطوة إيجابية من أيّ طرف آخر ستقابَل بإيجابية أكثر، إنّما ليس لإثارة حساسية أيّ فريق مطلقاً، موضحاً أنّ «الجنرال لا يُحرجنا، وإنّنا لا نُقدِم على ما نُقدِم عليه لكي نُسبّب أو لا نُسبّب له إحراج، فنحن لا نعمل بهذه الطريقة، لأنّ لكلّ فريق اتصالاته وطريقة تواصله مع الآخر. وهو أمرٌ طبيعي لا يزعج حلفاءَنا ولا يزعجنا».
أمّا عن أجواء التحضيرات للِقاء جعجع وعون، فيكشف سعادة أنّ الجنرال أطلعَ فرنجية في لقاء جمعَهما أخيراً على أجوائها، كاشفاً أنّ ملفّ رئاسة الجمهورية ما زال معقّداً والحلولُ بعيدة، ومؤكّداً في الوقت نفسه استمرارَ دعم فرنجية الجنرال لسدّة الرئاسة.