Site icon IMLebanon

ماذا عن أوراق مرحلة ما بعد التمديد وهل ثمة فرصة حقيقية للرئيس التوافقي؟

أي عنوان سياسي عريض يمكن اسباغه على مرحلة ما بعد التمديد لمجلس النواب؟ وهل ثمة افق لحراك جديد يخرج دورة الحياة السياسية من أسر المراوحة المألوفة منذ ان خرج الرئيس ميشال سليمان من قصر بعبدا قبل 172 يوماً؟

السؤال يفرض نفسه انطلاقاً من ثلاثة مستجدات بدأت تفصح عن نفسها أخيراً:

الاول: كلام متنام مصدره اوساط عين التينة عن جهد فوق المعهود للخروج من دوامة الشغور الرئاسي. وعلى رغم ان معنيين سارعوا الى القول ان الرئيس نبيه بري ومن سار معه في ركاب التمديد ربما يعززون هذه المناخات التفاؤلية للتغطية على صفقة التمديد نفسها وما اعتراها، فان اوساط عين التينة ابلغت من سألها عن حقيقة هذا الأمر انه جدي اكثر مما يتخيل البعض وان رئيس المجلس ليس في الميدان وحيداً، واستطراداً فان البدايات العملية تتجلى في حدث التمديد نفسه باعتباره حدثاً لا يستهان به.

الثاني: حيز الجدل الواسع الذي أخذه الكلام الذي اطلقه الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ليلة العاشر من محرم وسمى فيه، ربما للمرة الاولى، العماد ميشال عون مرشحه الحصري لملء الشغور في قصر بعبدا.

الثالث: اصداء كلام نصرالله في المناسبة عينها عن استعداده التام لفتح باب الحوار واللامشروط مع “تيار المستقبل” وهي رسالة قابلها التيار الازرق بالصمت حتى الآن مما أوحى للمعنيين ان ثمة ارتباكاً خلّفه عرض نصرالله وان التيار ما برح في مرحلة البحث عن معبر جدي للولوج في الحوار او انه في طور تلمس جسر للهروب منه بطرح شروط مسبقة لها طابع تعجيزي.

وفي كل الحالات ترى اوساط مهمتها رصد المناخات المستجدة ان مرحلة ما بعد التمديد فرضت معطيات وعلامات فارقة لا يمكن الا التوقف عندها ومحاكمتها، أبرزها:

– الاعلان الرسمي من جانب العماد عون وللمرة الاولى عن انصرام حبل الحوار بينه وبين الرئيس سعد الحريري والمتمحور على الاستحقاق الرئاسي. وثمة قائل بان بوادر هذا الانقطاع كانت حاضرة قبل التمديد، لكن امر افصاح عون عنه في هذا التوقيت امر له معناه وابعاده وحساباته .

واللافت ان عون شاء ان يكون الافصاح عن موقفه الجديد مقروناً بموقف آخر مستجد له مغزاه ومدلوله وذلك عندما ذهب الى حد القول بان مرحلة من التكامل الوجودي بينه وبين “حزب الله” قد بدأت للتو. وهو ما فسره البعض بانه إما نوع من التهيئة لسجال سياسي جديد مع “المستقبل” ينهي مرحلة التهدئة النسبية مع هذا الفريق ويتضمن جردة حسابات ازاء كل الاستحقاقات، وإما انه جرس انذار لأمر لم يفت اوانه بعد، والفصل بين هذين الاحتمالين سيتبدى في قابل الايام لكي يبنى على الشيء مقتضاه، خصوصاً ان “المستقبل” اصر على لسان بعض رموزه على التخفيف من وطأة الأمر عبر قوله انه ما زال هناك نوع من التواصل مع التيار البرتقالي.

– تجدد سيناريو الصعود والهبوط في العلاقة بين الرئيس بري والعماد عون في ضوء حدث التمديد، لا سيما ان بري اصر على ارسال رسالة فحواها ان حليف حليفه نكث بوعد كان قطعه له قبل وقت قصير من موعد الجلسة بالحضور مع اعضاء تكتله الى جلسة التمديد لإضفاء قيمة أكبر على الجلسة. والسجال الذي اعقب الجلسة بين الطرفين، وان ظل مكبوتاً نسبياً، الا انه فرض تساؤلات عن جدلية العلاقة ومستقبلها بين الطرفين ومدى قدرة المعنيين على ضبطها على ايقاع استحقاق الرئاسة، خصوصاً ان هذه العلاقة لم تستقر في يوم من الايام بل ظلت رجراجة تهتز تحت وطأة طموح قطبي الطرفين وحساباتهما المعقدة المتباعدة.

– ان اصرار نصرالله العلني على تسمية الأخير مرشحاً حصرياً للرئاسة الاولى وكلام الأخير على رغبته في السعي الى مرحلة التكامل مع الحزب قد دحض بشكل قاطع تأويلات البعض بان كلام سيد الحزب على ترشيح عون هو مدخل للمساومة ومعبر للولوج الى صيغة الرئيس التوافقي، وهو ما نظر اليه البعض على انه جزء من تراجع استعدادا للحوار المفترض الموعود مع “المستقبل”.

ومع ذلك فان كلام القطبين في هذه المرحلة بالذات فتح الابواب مجدداً امام تساؤلات عن مستقبل العلاقة بين هذين الطرفين وفرص تطويرها على وقع المستجدات والتحولات.

ومع اقتراب الذكرى التاسعة للتفاهم الذي عقد بين الطرفين في احدى قاعات كنيسة مار مخايل في الشياح، ثمة تجربة سياسية لا يمكن القول الا انها صمدت وانها تمتلك محفزات الديمومة. فمن حرب تموز عام 2006 الى اعتصام وسط بيروت الأطول عام 2007 الى احداث أيار 2008 واتفاق الدوحة بعد أيام من تلك الاحداث، الى تجربة الحكومات الاربع التي تشاركا فيها مروراً بتجربة العلاقة مع سوريا والرهان على صمود نظامها في العواصف والانواء، ظهر جلياً ان كلا الطرفين مقتنعان بهذا التفاهم الى درجة أن الحزب يتحدث في اوساطه الضيقة عن ان تجربة خروج الرئيس سليمان عن صورة الرئيس التوافقي في العامين الأخيرين من عهده جعلته لا يثق الا بثلاثة للرئاسة أولهم العماد عون، والى درجة ان عون بدأ يلمح الى توجه للتكامل مع الحزب وذلك في رد ضمني على تجربة حوارية لا تخلو من المرارة مع “تيار المستقبل”.

وأهمية هذين الكلامين في مرحلة ما بعد التمديد، انهما يقطعان الطريق والى أجل غير مسمى امام امكان الرئيس التوافقي، او هما بشكل او بآخر سقف شروط غير مباشر لأمرين: الاول امكان الحوار مستقبلاً بين الحزب و”المستقبل”، والثاني ان يكون ذهاب بري مع جنبلاط الى البحث عن رئيس توافقي أمراً غير ذي جدوى او رهاناً ستطيش سهامه.