Site icon IMLebanon

وماذا عن ” أوراق بيروت ” ؟

تضج أنحاء واسعة من العالم منذ أيام بما سمي” أوراق بناما” التي كشفها عمل صحافي استقصائي متعدد الجوانب والجهات ، وما هو معلوم وغير معلوم بعد ، عن سر تسريب ملايين الوثائق التي تفضح تورطات زعماء وسياسيين وأسماء شهيرة في إخفاء الثروات والتهرب الضريبي . كنا لنخال اللبنانيين أكثر المبتهجين لحدث بهذه الطبيعة وبهذا الحجم الضخم من كشف ظواهر الفساد الضاربة جذوره في أربع رياح الأرض ، فاذا بنا امام لامبالاة ناشئة عن تطبع وتطبيع كاملين امام هذا الحدث نظرا الى اعتبارات باتت من طبيعة الواقع السياسي والاجتماعي المهترئ في لبنان. ولا نعتقد ان أحدا كان ليتوقع ان يتلقى اللبنانيون سيل التقارير المنسابة بكثافة خيالية عقب نشر التحقيق الصحافي الاول في اكثر من مئة صحيفة حول العالم عن “أوراق بناما” بذهول مثلما حصل في بلدان وعواصم كثيرة فيما بيروت تضج بيوميات فضائح وملفات متناسلة بما يتجاوز نماذج الفساد الضريبي وسواه ولا تبدل شيئا في واقع لبنان . ولا نظن أن بلدا حطم الأرقام القياسية في استهلاك الأزمات السياسية والإقتصادية والإجتماعية وبات في صدارة الدول الأضخم مديونية بفعل سياسات قاصرة وفاسدة متفشية في كل مفاصل الدولة والمؤسسات سيهلل لأنه اكتشف حقيقة عالمية جديدة تتمثل في زحف الفساد الى عشرات الدول . والأهم من ذلك أن السذج وحدهم يتوقعون من اللبنانيين أن يحتفلوا بانكشاف” أوراق بناما” فيما تذبل وتحرق “أوراق بيروت” يوما بيوم وساعة بساعة أمام فضيحة تلو الأخرى كأن الامر من “ريتم” روتيني تقليدي لا ينفصل عما يدأب اللبنانيون على سماعه ومعاينته كل يوم ولا يحدث أي تغيير. ولا ترانا ايضا في حاجة في معاينة أسباب البرودة اللبنانية امام حدث صحافي وسياسي عالمي بهذا الحجم ما دام اللبنانيون مفطورين على “تقاليد” غالبا ما تدفن معها العدالة ويجري التآمر عليها وعلى الحقوق فترى الموقوف في جرائم موصوفة حرا بعد ساعات من توقيفه . ولا نبعد اكثر لنتساءل بسذاجة عن طبقة سياسية ترفل بأمجادها ولا تخشى في أي شكل محاسبة ومساءلة قضائية أو نيابية أو أخلاقية وصولا الى البديهيات الأقصى في المحاسبة الانتخابية لان اللبنانيين تآمروا ويتآمرون على أنفسهم قبل أي أمر آخر وباتوا يتعاملون مع مبدأ المحاسبة والتغيير الجذري بانه ترف منسي. قد تكون عودة سريعة الى عناوين الملفات الفضائحية وبعضها كارثي في الأشهر الأخيرة فقط، بدءا بكارثة النفايات وما تلاها ، كفيلة وأكثر بكشف حقيقة أن لبنان ربما يكون أكثر البلدان التي يستحيل فيها إخفاء الفضائح ولكنه في الوقت نفسه أكثر البلدان تطبعا مع فضائحه . تلك هي طبيعة “أوراق بيروت” بما صارت عليه !