IMLebanon

ماذا عن الحرب الأخرى؟

الطيارة التي تلقي قنابلها وصواريخها، الدبابة التي تقذف حممها، الجندي الذي يرمي بشرر، مشاهد تتوج الحرب وتنهي الخطوة الأخيرة، لكن الحرب الأساسية والقصة الكاملة في مكان آخر.

الحرب هي الكي، والكي آخر الدواء، أو أوله، لكنه ليس الشفاء لما في الصدور، ولا الوقاء من غائلة الداء.

طائرات التحالف ضد «داعش» بسوريا، وطائرات مصر والجيش الوطني الليبي ضد دواعش ليبيا، هي «ضربات» محددة، الغرض منها الرد، وإبداء الجدية في الحرب والمواجهة. لكن، واهم من يظن أنه بهذا قد قضي الأمر، وانتهى الألم.

الحرب الحقيقية في مكان بعيد، هي حرب العقل واللسان، وليست حرب العضل والسنان.

بوضوح، تتعرض المجتمعات المسلمة لصراع وجود، وتحديد دور بين البشر، صحيح أن من يجرم ويقتل وينحر ويحرق الناس وهم أحياء، باسم الدين، لا يمثلون غالب المسلمين، لكن الصحيح أيضا أنهم يفرضون تحديا كبيرا على المسلمين، قبل غيرهم، لمحو هذه الفئات وهذا الفكر الذي أنتجهم من كتاب الوجود.

إن مسألة الإصلاح الديني، والمجابهة «العميقة» من فكر «القاعدة» و«داعش» و«النصرة» و«حزب الله» و«الحوثي» و«الإخوان»، لم تعد مسألة داخلية تخص المسلمين وحدهم، بل هي مسألة عالمية دولية، مثلها – بل أعظم – مثل مسألة الاحتباس الحراري للأرض.

قادة المسلمين، أعلنوا أنهم في خندق المواجهة ضد المتطرفين الذين دمروا سمعة الإسلام والمسلمين، وخاضوا في دماء المسلمين، قبل غيرهم، قادة مثل الراحل خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وخلفه خادم الحرمين الملك سلمان، وملك الأردن عبد الله الثاني، ورئيس مصر عبد الفتاح السيسي، وغيرهم، قالوا صراحة إن منازلة المتطرفين، من «كل لون وشكل» أوجب الواجبات على المسلمين.

تأكيدا لفكرة أن صون الإسلام من تلويث الدواعش وأشباههم، مطلب عالمي دولي لا يخص المسلمين وحدهم، اعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي تحتضن بلاده قمة عالمية لبحث الحرب على الإرهاب، أن «الإرهابيين لا يتحدثون باسم مليار مسلم»، مضيفا: «يحاولون أن يصوروا أنفسهم كقادة دينيين ومحاربين مقدسين. هم ليسوا قادة دينيين، إنهم إرهابيون». وشدد على أن الحرب هي للفوز بالعقول والقلوب بقدر حرب السلاح.

أما وزير خارجيته جون كيري فوصف حملة التصدي لتنظيم «داعش» بأنها «معركة جوهرية لجيلنا». وذهب أبعد من ذلك في مقالة له بجريدة «الشرق الأوسط»، حين قال: «التطرف العنيف لا يمكن تبريره باللجوء إلى النصوص الدينية».

نجحت «داعش» في توحيد السياسات العالمية على هدف واحد، وأصبحت من القضايا النادرة، موضع الإجماع، بين دول العالم!

من هنا، فإن كل ما يصب في اجتثاث «داعش»، وفكر «داعش»، ومخلوق «داعش»، قضية عالمية ملحة، بما في ذلك تقييد حريتهم على الإنترنت، رغم أنف «تويتر» و«يوتيوب»، والبقية.

كل شيء هامشي حتى القضاء على هذا الوباء، ربما لجيل أو جيلين. كل يوم تشرق شمسه و«داعش» على أديم الأرض يعني الإسراع نحو فجر إنساني جديد.. ويا للغرابة!