IMLebanon

وماذا عن الفراغ الرئاسي؟

كثيرة هي الأسئلة التي تطرحها معركة تحرير طرابلس من فوضى المسلّحين، وتسلُّط الشراذم والإرهابيّين، وعبث التابعين للتنظيمات التكفيريّة بأمن طرابلس وأهلها وأسواقها ودورة الحياة فيها.

أوّل ما يخطر في البال السؤال عمّا إذا كانت النتائج التي حظيت بإشادة شاملة من داخل وخارج، والتي أدخلت الارتياح والطمأنينة إلى النفوس القلقة، هي ثابتة، ونهائيّة، ولا عودة بعدها للعابثين بالأمن والمتدثّرين بأغطية سياسيّة محليّة وإقليميّة، وما إلى ذلك؟

بالطبع، من المبكر البحث عن إجابات مُقْنعة قبل مرور “المهلة القانونيّة”، ونزول الطرابلسيّين إلى الأسواق والشوارع والزواريب التي حُرموا الاقتراب منها منذ زمن بعيد. وهنا لا بدّ من الإشادة بالجيش الذي لم يبخل مرّة أخرى بتقديم كوكبة من الشهداء الأبطال، الذين أدّوا رسالتهم الوطنيّة، وأدّى لهم الطرابلسيّون واللبنانيّون بأجمعهم تحيّة إكبار وإشادة ببسالتهم وبطولاتهم دفاعاً عن كل لبنان لا عن طرابلس وحدها.

في كل حال، الذين تابعوا معركة الفيحاء طلقةً طلقة، وخطوة خطوة، يؤكّدون أن ما تحقّق وأُنجز في أسواق طرابلس وساحاتها وزواريبها من شأنه التمهيد لخطوات أمنيّة متتالية، تسيّج النصر الذي حقّقه الجيش اللبناني، وتالياً تمهّد لإعادة نظر شاملة في الوضع الأمني على مستوى الجغرافيا اللبنانيّة بكاملها.

لا أحد يعتقد أن معركة طرابلس أنهت، أو قضت على الأوضاع الشاذة المنتشرة من الناقورة إلى النهر الكبير. بل إنها فتحت الأبواب، وشقّت الطرق، ومهّدت لخطوات مماثلة في أمكنة أخرى، مما يتطلّب المزيد من الاستعداد، والمزيد من السلاح الثقيل والعتاد، والمزيد من الدعم السياسي للجيش وقراراته، داخليّاً وعربيّاً وإقليميّاً ودوليّاً.

لقد شهد الجميع لمواقف الرئيس تمّام سلام والقرارات التي أتاحت للجيش سُبُل الإقدام والقيام بما نيط به وما حقّقه بنجاح كبير. مثلما سجّلوا لزعيم “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري جرأته وشجاعته في اتخاذ القرارات الحسّاسة عندما تتطلّب المصلحة الوطنيّة ومصلحة الأمن في الفيحاء وقفات وخطوات كهذه.

أما الآن، فقد حان الوقت لمصارحة الجميع على جاري العادة، والقول بصوت مسموع لكل مرجعيّة، ولكل زعيم، ولكل مسؤول، إن لبنان ما كان ليدفع كل هذا القدر من الشهداء، وليحصد كل هذا القدر من القلق، وليتكبّد كل هذه الخسائر والتراجعات المالية، لو أن حُماة الفراغ الرئاسي يشعرون بقيراط من المسؤولية.

لا طمأنينة، ولا أمان، ولا راحة بال إلا متى أقدم مجلس النوّاب على انتخاب رئيس للجمهوريّة.