هذه أوجه الشبه بين 2006 و2015
.. وماذا عن «حرب تموز» على ميشال عون؟
قبل تسع سنوات، وتحديدا في تموز 2006، كان العماد ميشال عون يُغلّب الخيار على الرهان، والموقف على حسابات الربح والخسارة، لينتهي به المطاف في 14 آب، شريكاً للمقاومة في الانتصار على العدو الاسرائيلي، بعدما اختار من اللحظة الاولى ان يكون شريكا في مواجهة العدوان.. يوم افترض البعض أن المصلحة تقضي بالانحناء أمام العاصفة أو حتى امتطاء صهوتها.
منذ ذلك الحين، بدأت قصة «التحالف الوجودي» بين «التيار الوطني الحر» و «حزب الله»، والذي اتخذ على مدى الاعوام اللاحقة أشكالا عدة في مواجهة الاستهداف المتنقل.
في الاصل، لم تنته حرب تموز عند الإعلان عن وقف العمليات العسكرية، بل هي استمرت بأنماط مختلفة تصب كلها في خانة واحدة، وهي صياغة شرق أوسط جديد خال من «دسم» العداء لإسرائيل، وبالتالي محاصرة المقاومة وكل من يتحالف معها، فكيف إذا كان هذا الحليف هو من أصحاب الوزن الثقيل، كالعماد عون الذي تطوع لحماية ظهر المقاومة، في التوقيت الحاسم، الى حد أزعج الأميركيين والأوروبيين وبعض العرب الذين وجدوا في هذا الموقف عقبة أمام استكمال مخطط عزل «حزب الله»، تمهيدا لإسقاطه من الداخل، بعدما تعذر ذلك عبر الحرب المباشرة ضده.
وإذا كان هناك من يعتقد أن ما يجري في سوريا ليس سوى أحد وجوه حرب تموز على لبنان، باعتبار أن المستهدف الحقيقي في المكانين والزمانين هو خيار المقاومة، فإن أصحاب هذا الطرح يعتبرون، استنادا الى المقاربة ذاتها، أن الجبهة المفتوحة ضد عون هي كذلك امتداد بشكل أو بآخر لحرب تموز، في محاولة للتخلص سياسياً من «الجنرال» وشطبه بكل ما يمثله، سواء على مستوى سلوكه الداخلي المشاغب أو على مستوى تحالفه الاستراتيجي مع المقاومة.
ويلاحظ المتعاطفون مع عون انه ما ان تم التوصل الى وقف لإطلاق النار في 14 آب حتى بدأ التصويب بكل الاسلحة على عون الذي تعرض لمحاولات تحجيم عدة في الحكومة ومجلس النواب، على مدى السنوات الماضية، كادت تقارب أحيانا حد الاستئصال.
ويلفت هؤلاء الانتباه الى ان المعركة الحالية التي تُشن على عون هي الأشرس، ويُستخدم فيها العلني والسري، الاستراتيجي والتكتيكي، في سعي من المتورطين فيها الى انتهاز ربع الساعة الأخير قبل نضوج تسويات المنطقة لإلحاق الهزيمة بالجنرال، خشية أن تعطي هذه التسويات المنتصرين، وعون من بينهم، أوزانا وأحجاما كبرى، يصبح من الصعب معها تطويقه لاحقا.
ولعل الكلام المتداول حول وجود قرار دولي – إقليمي كبير بكسر عون يشكل محاكاة للقرار ذاته الذي أعطى إشارة الانطلاق لحرب تموز ضد المقاومة عام 2006، ثم أصر على استمرارها أطول وقت ممكن، سعيا الى كسر «حزب الله» وإجباره على الاستسلام تحت الضغط العسكري.
حينها، صمد الحزب وصرخ الاسرائيلي اولا، وكان ميشال عون أحد المشاركين في صنع هذه المعادلة، بفعل التغطية التي منحها للمقاومة وسلاحها، ما أعطى الصراع طابعا عابرا للطوائف، منع الاستفراد بـ «حزب الله» ومن ثم الإخلال بالتوازنات الداخلية.
يتكرر حاليا السيناريو ذاته، لكن مع تعديل في الأدوار، إذ ان عون هو الذي يقف هذه المرة على الخطوط الأمامية لمعركة مصيرية يخوضها دفاعا عن الوجود المسيحي الوازن، تماما كما ان «حزب الله» كان يخوض قبل تسع سنوات معركة وجودية، كان يتوقف عليها بقاء خيار المقاومة من عدمه.
وكما ان «الجنرال» وقف الى جانب الحزب في الاختبار المصيري الذي واجهه، فإن الحزب يدعم اليوم الجنرال في موقعة دفاعه عن الشراكة والتوازن.
وكما ان دوائر غربية وإقليمية كانت تدير حرب تموز بواجهة اسرائيلية، فإن الدوائر ذاتها تخوض الحملة على عون بواجهة محلية.
ويبقى السؤال: هل من 14 آب برتقالي قريبا.. ام انه قد يتأخر؟