يريد الرئيس الاميركي دونالد ترامب ان يقول للعالم انه يختلف عن سلفه باراك اوباما، وانه ينفّذ كلمته، وانه لا يريد استخدام الكيماوي ولا ان ترفع ايران من سقف امكاناتها العسكرية في سوريا، وفقاً لمصادر ديبلوماسية غربية.
الغرب قام بالضربة على سوريا قبل توجّه المفتشين الدوليين الى دوما، لان الضربة محدودة، ولم تتقرر من اجل تغيير الواقع على الارض، بل لتوجيه رسائل بأن استخدام الكيماوي لن يمرّ. انما الاميركيون لا ينوون الدخول اكثر عسكرياً في الملف السوري. لا شيء واضحاً بعد بالنسبة الى الخطة الاميركية في سوريا. هناك اسباب تعرقل وضع خطة من ابرزها، استقالة كل المسؤولين القدامى في الادارة ووزارة الخارجية، وعدم وجود خبرة لدى من يتسلم الملفات، والتصادم بين الرئيس والمسؤولين ما يؤدي الى استقالات متتالية او عدم اتفاق حول ما يجب فعله.
التقسيمات على الارض في سوريا باقية وقد تستمر طويلاً. والعودة الى طاولة المفاوضات في جنيف يبدو معقداً، والنظام من خلال اعادة كل المناطق في الوسط الى سيطرته، بدعم من روسيا، سيتمكن من البقاء مسيطراً على هذه المنطقة، من دون ان يتمكن من ان يحكم كل سوريا. وفي ظل عدم وجود قرار اميركي – روسي بحسم الموقف في سوريا، وحل الازمة، قد يبقى الوضع السوري على تقسيماته الراهنة مدة طويلة، في انتظار تغييرات ما او مستجدات كبيرة تعيد خلط الاوراق.
لكن السؤال الكبير “لماذا يتحرك الغرب لمنع النظام من استعمال الكيماوي، ولم يتحرك لمنعه من قتل شعبه بوسائل اخرى غير الكيماوي؟”.
تفيد المصادر، ان استخدام السلاح الكيماوي يهدد كل نظام منع انتشار اسلحة الدمار الشامل. والدول الكبرى يهمها ان يبقى نظام المنع قائماً وان تبقى الدول ملتزمة به. وفي رأي الدول أن هذا يدخل في نظام منع استعمال السلاح البيولوجي والنووي والكيماوي، والذي يجب ان يستمر محترماً من الجميع. وفي حال لم يتم الالتزام بمنع الكيماوي، عندها تعمد كل الدول الى انتاجه، لا سيما وان كلفة انتاجه متدنية، وهي ارخص من انتاج السلاح النووي، وأي دولة يمكنها القيام بذلك. واذا لم يتم ردع الاسد عن استخدامه، عندها ستأخذ بعض الدول ذلك ذريعة لانتاجه واستخدامه. وهذا ان حصل يهدد السلام الدولي. لذلك يبدو الموضوع اساسياً اكثر من غيره، واكثر من التفكير بمعاناة الشعب السوري تحديداً، الذي يُقتل بشتى انواع الاسلحة.
وتقول المصادر، ان القتل بالكيماوي اخطر طريقة موت وحشية. وانتاجه غير المكلف جعل النظامين السوري والايراني يمتلكانه. كما ان القلق دولياً من وصول الاسلحة الكيماوية الى الارهابيين في المنطقة فضلاً عن ان امتلاكه في المنطقة وقدرة “حزب الله” على الوصول اليه، يشكل احد الكوابيس بالنسبة الى اسرائيل. وبالتالي الحملة الدولية، هدفها حماية نظام منع اسلحة الدمار الشامل، ومنع انتشار اسلحة محرمة، على نطاق واسع.
وتشير المصادر، الى ان الخطورة ايضاً تكمن في القدرة على اخفاء انتاج السلاح الكيماوي. فاي معمل ادوية يمكنه انتاج هذا السلاح، وتدني الكلفة يُصعِّد القدرة على اكتشاف مواقع الانتاج. وبالتالي، اذا لم تدرك الدول ان هناك تداعيات سلبية تجر الى ردة فعل دولية كبيرة، من جراء انتاجه، عندها تلجأ العديد من الدول الى القيام بذلك. الدول حالياً لا تفكر فقط بمصلحة الشعب السوري، بل بالنظام الدولي لمنع هذا السلاح، وعوامل اخرى متصلة بالامن العالمي.
وتؤكد المصادر، انه بعد التدخل العسكري الروسي في سوريا، لن يكون هناك حل حاسم، الا بضربة كبرى. وما كان يحصل في الآونة الاخيرة، هو، تقسيم سوريا الى مناطق نفوذ: في الوسط السوري منطقة نفوذ ايرانية وروسية بالاضافة الى النظام. والشرق تركيا والولايات المتحدة، والجنوب الاردن. لكن السؤال الآن من يستطيع ان يقاتل الروس، لا بل من يريد ذلك؟ الضربة قد تغير الوقائع، وقد لا تغير وهنا يصبح الوضع اصعب بالنسبة الى الحل السوري.