IMLebanon

ما العمل إذا لم يلتزم عون “إعلان النيات” مكرّراً موقفه من اتفاق الدوحة و”إعلان بعبدا”

هل يكفي أن يتلو الدكتور سمير جعجع ورقة “إعلان النيات” بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” على مسمع من حضروا مؤتمره الصحافي، وهل يكفي أن يهز العماد ميشال عون رأسه قبولاً وتصفيقاً بعد تلاوة كل بند في الورقة ليصبح تنفيذها ملزماً له إذا انتخب رئيساً للجمهورية ولحكومة مجهولة تقع عليها مسؤولية الالتزام بمضمون هذه الورقة إذا ما صار اتفاق عليها بين أعضائها المجهولين أيضاً أو صار خلاف عند وضع بيانها الوزاري لتصبح الورقة عندئذ في خبر كان؟…

المعروف عن العماد عون انه متقلب المواقف والمزاج، فلا أحد يعرف حتى الآن اذا هو مع “اتفاق الطائف” أم هو ضده ويريد تعديله ليصبح صالحاً لإقامة “الجمهورية الجديدة” التي يحلم بها. وهل يلتزم فعلاً ما يوافق عليه؟ ولم ينس الناس بعد ما حل بـ”اتفاق الدوحة” على رغم الغطاء العربي والدولي له، وكيف جارى حليفه “حزب الله” في مخالفته عندما أقام احتفالاً في دارته في الرابية أعلن فيه الوزراء الذين يمثلون قوى 8 آذار في حكومة الرئيس سعد الحريري الاستقالة الجماعية في اللحظة التي كان يدخل فيها الرئيس الحريري البيت الأبيض لمقابلة الرئيس باراك أوباما، وكيف أنه جارى حليفه “حزب الله” أيضاً في التنكر لـ”اعلان بعبدا” الذي دعا الحزب الى “نقعه وشرب مائه”. وما الذي سيفعله الدكتور جعجع اذا لم يلتزم عون بعد انتخابه رئيساً ورقة “إعلان النيات”، هل تعود الخصومة بينهما أشد مما كانت عليه والى حد الاقتتال مجدداً لا سمح الله؟

لقد كان لافتاً قول الدكتور جعجع بين المزاح والجد لعون “بدّك يعملها” وهو يتلو نص البند الوارد في الورقة وهو: “احترام قرارات الشرعية الدولية والتزام مواثيق الامم المتحدة وجامعة الدول العربية” وهو قول يمكن تكراره عند كثير من بنود الورقة ولا سيما منها: “العمل على تعزيز مؤسسات الدولة وتشجيع ثقافة الاحتكام الى القانون لحل أي خلاف وعدم اللجوء الى السلاح والعنف”، أي ألا يتكرر 7 أيار. وكذلك “دعم الجيش بصفته المؤسسة الضامنة وتكريس الجهد اللازم لبسط سلطة الدولة على كامل الأراضي”، أي ألا تبقى مناطق مغلقة في وجه الجيش والقوى الأمنية وتمارس فيها سلطة الأمن الذاتي. وكذلك “الحرص على ضبط الأوضاع على الحدود اللبنانية – السورية ورفض استعمال لبنان منطلقاً لتهريب السلاح والمسلحين”، وهو ما لم يستطع تطبيقه أي رئيس واي حكومة لأن “حزب الله” خالف سياسة “النأي بالنفس” لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي رغم أنها عُرفت بأنها حكومة الحزب لأن الرئيس بشار الأسد وصفها بسياسة “اللعي بالنفس”، فقرر الحزب منفرداً وبدون موافقة الحكومة ومن دون اعطاء حتى علم للجيش عملاً بـ”المعادلة المقدسة”: “الجيش والشعب والمقاومة”، التدخل عسكرياً في الحرب السورية الى جانب النظام غير عابئ بانقسام اللبنانيين انقساماً حاداً حول ذلك. وهل يمكن، من جهة أخرى، التوفيق بين ما جاء في “ورقة التفاهم” بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” وورقة “اعلان النيات” بين “القوات” و”التيار”؟ وهل نسي الناس أن معظم القرارات التي صدرت بالاجماع عن هيئة الحوار الوطني ظلّت حبراً على ورق لأن لا سوريا ولا “حزب الله” مع تنفيذها؟

المهم أن تأييد الرئيس سعد الحريري ترشيح النائب سليمان فرنجيه، وتأييد الدكتور سمير جعجع ترشيح العماد ميشال عون منافساً له قد يضمن تأمين النصاب لجلسة الانتخاب، وهذا انتصار لـ14 آذار، لكنه قد لا يضمن الفوز لأي من المرشحين المتنافسين الا اذا تكرر الفوز بصوت واحد أو اسقطت الأوراق البيض فوز أي منهما، وعندها يعود البحث الجدي عن رئيس تسوية وتوافق لا يصلح سواه للمرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان والمنطقة، الا اذا تبدلت الأوضاع في سوريا وصار في الامكان التزام ورقة “اعلان النيات” وورقة “إعلان بعبدا” وقرارات هيئة الحوار الوطني، وعندها يكون الرئيس يجسد حقاً “رمز الوحدة الوطنية” التي نصّ عليها الدستور والتزمها الرئيس بقسمه.

الواقع إنه يمكن القول إن “حزب الله” ومن معه، سجّل انتصارات سلبية على قوى 14 آذار اذ استطاع أن يفرض عليها حكومات وحدة وطنية، وإن كاذبة، ليكون له فيها الثلث المعطّل، وأن يعطّل اجراء انتخابات نيابية اذا لم يكن القانون الذي ستجرى على أساسه مقبولاً منه ومن حلفائه، ويعطّل أيضاً جلسات انتخاب رئيس للجمهورية إن لم يكن مقبولاً منه ومن حلفائه أيضاً، لا بل جعل المرشحين للرئاسة من 8 آذار وعلى قوى 14 آذار أن تختار من بينهما رئيساً.

والسؤال المطروح هو: هل تنجح محاولة “لبننة” انتخاب رئيس للجمهورية أم تفشل ويصبح الرئيس من صنع خارج لم يتفق بعد على اسمه لا بل أي خارج هو الذي يصنعه والمنطقة في صراع ليس فيه حتى الآن غالب ومغلوب لمعرفة لمن تكون الكلمة الفصل ومن سيكون صانع هذا الرئيس؟

يقول سياسي مخضرم إن الاعتماد على “النوايا” فقط في انتخاب رئيس للجمهورية، وفيها “النوايا” الحسنة والسيئة، لن يطعم اللبنانيين قمحاً ولن يلبسهم حريراً …!