IMLebanon

هل أتت التحركات الدولية ثمارها الإيجابية.. وماذا بعد عودة الحريري؟  

 

يتفق غالبية الأفرقاء اللبنانيين على أن تلبية الرئيس سعد الحريري دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم تأت فراغ على الرغم من العلاقة الشخصية بين الرجلين، وهي جاءت تتويجاً للمساعي الدولية والمحلية لإعادة الأوضاع في لبنان الى مسارها الطبيعي ما قبل إعلان الرئيس الحريري إستقالته من الرياض يوم السبت في 4 تشرين الثاني الجاري… وقد تركت هذه الخطوة ارتياحاً لافتاً في الداخل اللبناني وعلى المستويات كافة، بعد أجواء التوتر التي سادت طوال فترة الأزمة المستجدة… ولعل من أبرز معالم الإرتياح هذا، إنقلاب اللهجة التصعيدية لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي أعرب عن أمله، خلال لقائه مجلسي نقابتي الصحافة والمحررين، في أن يشكل قبول الحريري دعوة الرئيس الفرنسي مع أفراد عائلته مدخلاً لحل الأزمة التي نشأت عن إعلان الإستقالة… من دون أن يسجل تراجعاً في مواقفه المبدئية.

 

ينتظر الرئيس عون، كما غالبية القيادات والقوى السياسة والتيارات والأحزاب والهيئات الإقتصادية والمالية والعمالية، عودة الرئيس الحريري التي ستتوج بلقاء رئيس الجمهورية للبحث معه في الأسباب والدوافع والتوقيت والبدائل عن الإستقالة التي لم تقبل بعد والأمر متروك له.. وقد قالها الرئيس عون صراحة «عندما يأتي يقرر ما إذا كان يريد الإستقالة أو الإستمرار في رئاسة الحكومة، لأن الإستقالة يجب أن تقدم في لبنان، وعليه البقاء فيه حتى تأليف الحكومة الجديدة لأن تصريف الأعمال يفترض وجود رئيس الحكومة في البلد…«.

السؤال، أو الأسئلة التي واكبت إعلان الرئيس الفرنسي دعوة الرئيس الحريري، لزيارة باريس، وإعلان الأخير تلبية الدعوة (اليوم السبت)، يمكن إيجازها بالتالي؟

– هل زيارة الحريري الى باريس معزولة عن سياق التطورات الأخيرة؟

– هل سيعود بعد لقائه الرئيس ماكرون الى لبنان، مع عائلته أم من دونها؟ خصوصاً وإن الجميع على قناعة بأن الحريري سيعود للمشاركة في إحتفالات ذكرى عيد الإستقلال .

– هل ستكون الزيارة بداية حل الأزمة اللبنانية، كيف ومتى؟ يوم الأربعاء المقبل في 22 الجاري؟

– وماذا بعد عودة الحريري الى لبنان؟

ليس من شك في أن شيئاً من الغموض يحيط بهذه المسائل، اقله حتى الآن، خصوصاً وإن الرئيسين عون وبري لا يزالان عند موقفهما إن الحكومة باقية ولا إستقالة!.. وآخرين يرون مثل رأيهما..

ليس من شك، وعلى ما تظهر التبدلات في المواقف المعلنة، فإن المساعي الدولية، وفي مقدمها المساعي الفرنسية، تمكنت من تحقيق إنجاز قد يؤدي الى إعادة العلاقات بين الرئيسين عون والحريري الى مجراها الطبيعي، خصوصاً وإن الرجلين لم يكتما مشاعر الإحترام والتقدير والمحبة لبعضهما البعض، وقد كانت مرحلة التعاون مثمرة الى درجة غير مسبوقة في تاريخ الحكومات اللبنانية المتعاقبة… من دون أن يعني ذلك حكماً إعلان الحريري عودته عن الإستقالة حكماً، لأسباب وظروف باتت قيد التداول في العديد من المواقع المتابعة للتطورات الإقليمية والمواقف الصادرة عن غير مرجع ومصدر، وقد قالها الرئيس عون يوم الأربعاء الماضي، وبصراحة غير مسبوقة، لافتاً الى «ان ما حصل ليس إستقالة حكومة، بل اعتداء على لبنان وعلى إستقلاله وكرامته وعلى العلاقات بين لبنان والمملكة العربية السعودية… وإن إستمرار إحتجازه في المملكة يشكل إنتهاكاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لأن رئيس مجلس الوزراء محتجز من دون سبب ويجب عودته معزّزاً مكرّماً..». لافتا الى أن دولاً عربية تدخلت، من أجل عودة الحريري، إلا أنه لم يحصل معها أي تجاوب، لذلك توجهنا الى المراجع الدولية…؟».

لا أحد ينكر الصداقة الحثيثة بين فرنسا والمملكة العربية السعودية… وقد فاقت بالواجب لحل أزمة الإستقالة (البعض يقول انها أزمة علاقات لبنانية – سعودية محورها الأساسي «حزب اللّه» وحماته)، بإيفاد وزير خارجيتها جان إيف لودريان الى الرياض، حيث التقى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان ونظيره السعودي عادل الجبير، وجرى بحث مستفيض في الأزمة اللبنانية المستجدة… كما التقى الرئيس الحريري..

كما أن لا ينكر أيضاً، أن العلاقات السعودية – اللبنانية تمر بمأزق غير مسبوق، تركت تداعياتها على الوضع الحكومي… وقد قالها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي لودريان «إن إدعاءات الرئيس ميشال عون باحتجاز السعودية للحريري باطلة وغير صحيحة…»، مطالباً بإيجاد «وسائل» للتعامل مع «حزب اللّه»، الذي هو أساس الأزمة في لبنان… على ما قال الجبير معيداً وصف الحزب بأنه «منظمة إرهابية من الطراز الأول»، مؤكداً «وجود خطوات فعلية في هذا الصدد يخلص قائلاً أنه «إذا إستمر حزب اللّه» على هذه السياسة والنهج فهذا الأمر سيجعل لبنان يستمر بعدم الإستقرار ويجعل الوضع خطيراً…»؟!

قد يكون من السابق لأوانه البت بمصير هذه التوقعات وصحتها أو عدم ملاءمتها للواقع الدولي والإقليمي… خصوصاً وإن المواقف الدولية والإقليمية أكدت على جملة ثوابت مع جولة وزير الخارجية جبران باسيل، حيث أكدت فرنسا، كما إيطاليا وبريطانيا والمانيا وتركيا وغيرها، الحرص على أن يحافظ لبنان على إستقراره وسيادته ويكون بمنأى عن التدخلات الخارجية بشؤونه…

يتطلع الجميع الى ما سيكون عليه الموقف اللبناني في إجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة يوم غد بدعوة من السعودية.. ومن تركيا بعث باسيل برسالة خلاصتها ان «اللبنانيين متفقون على سياسة خارجية تقوم على ابعاد لبنان عن الأزمات..» وهي مسألة محورية في دعوة الرئيس الحريري الى التزام البيان الوزاري لجهة «النأي بالنفس وتحييد لبنان..»ما يشير الى أن الحملة التي خاضها لبنان من أجل جلاء غموض وضع الرئيس الحريري أعطت نتائجها الإيجابية..»، والكل بانتظار العودة وما ستؤول إليه الإتصالات والمباحثات؟! خصوصاً وإن الإستقالة – برأي البعض هي نتيجة وليست السبب..».