«الهدف الأهم في التواصل الحاصل بين القوات والتيار، هو إطفاء حال العداء المستحكم منذ 26 عاماً بين الطرفين المسيحيين، وذلك بعودة الساحة المسيحية الى تماسكها السابق». بهذه العبارة وصف مصدر نيابي مسيحي المسار الحواري الطويل بين معراب والرابية، والذي تُوّج بالزيارة التي قام بها الدكتور سمير جعجع إلى الرابية الأسبوع المنصرم.
وإذ أبدى المصدر النيابي نفسه ارتياحه جراء التفاهم، ولو المتأخّر، بين الرجلين. أكد أن الشارع المسيحي تلقّف بشكل إيجابي وبلهفة هذا التقارب، لا سيما وأن المسيحيين ملّوا هذا الصراع الطويل داخل مجتمعهم. مشيراً إلى أن من أولى نتائج هذا التقارب إفساح المجال أمام المسيحيين لاستعادة دورهم المحوري على صعيد الدولة والقرار. وأضاف أنه ليس خافياً على أحد أن تحفّظات عدة قد ظهرت إلى العلن من قبل حلفاء وخصوم الرجلين، بالإضافة إلى محاولات التشكيك بقدرة الطرفين أيضاً على السير في هذا النهج الحواري والإنفتاحي، وذلك في ظل الظروف الدقيقة التي ينخرط فيها كل من جعجع وعون في اصطفافات وتحالفات متباعدة ليس أقلّ ما فيها التحالف الوثيق بين العماد عون و«حزب الله» الذي تكرّس بقوة بعد إعلان الشيخ نعيم قاسم أن مصير الإنتخابات الرئاسية مرتبط بموافقة فريق 14 آذار على انتخاب العماد عون رئيساً. وقال المصدر النيابي، أن الأبواب قد فُتحت، ولكن المسيرة طويلة، وورقة إعلان النوايا هي المدخل في رحلة التعويض عن السنين السابقة التي لم تؤدِّ سوى إلى الإمعان في إحباط المسيحيين وتراجع دورهم على الساحة السياسية.
فالأصوات المشكّكة في نتيجة هذه «النوايا» ستجد نفسها قريباً أمام الإختراقات المرتقبة في جدار التباين بين معراب والرابية، فالحوار الذي انطلق ليس الهدف النهائي، كما قال المصدر، بل النتائج البعيدة المرسومة له، والتي ستغيّر حكماً المشهد السياسي المسيحي بشكل خاص تمهيداً لتغيير المشهد السياسي العام. وأوضح أن «النوايا» تجسّد كل الثوابت المسيحية التاريخية، وتشكّل ترجمة حقيقية وعملية للدستور اللبناني، لا سيما لجهة السيادة والإستقلال والحرّيات العامة وبسط سلطة الدولة اللبنانية وقواها الشرعية وحدها على كامل التراب اللبناني، هذا بالإضافة إلى علاقة لبنان مع الخارج ودوره إن على المستوى العربي أو على المستوى الإقليمي. وهذه كلّها عبّرت عن المفاهيم التي ناضل ولا يزال يناضل من أجله الطرفان المسيحيان. والسؤال المطروح بحسب المصدر النيابي، يتمحور حول قدرة هذه الثنائي المسيحي العوني ـ القواتي في هذا التوجّه الحواري الجديد إلى النهاية بما يؤدي إلى وحدة الموقف في القضايا السياسية المصيرية المطروحة على الساحة الداخلية، وبما يخدم أيضاً المصلحتين اللبنانية بشكل عام والمسيحية بشكل خاص.
وبرأي المصدر النيابي نفسه، فإن اللقاءات التي تجري بين قيادات وحلفاء «القوات» و«التيار» تهدف إلى توضيح المشهد الكامل للنوايا، وبالتالي، فلا يجب لأي طرف يدّعي الحرص على الحضور المسيحي في لبنان والمنطقة عموماً، أن يقارب هذا الحوار بين معراب والرابية بسوء نية. وأكد أن المسيرة الحوارية لن تلغي أحداً في مخيمي الطرفين، وبالتالي، فإن التحالفات الكبيرة باقية على حالها، ولكن هناك سؤال يطرح نفسه اليوم، وبعد أيام معدودة على اللقاء المفاجئ بين عون وجعجع يتمحور حول الخطوة المقبلة بعد اجتماع الرابية، فهل ستكون زيارة «غير مفاجئة» للعماد عون إلى معراب؟