IMLebanon

ماذا بعد التظاهر إلى بعبدا وخطاب عون أإلى 7 أيار جديد أم إلى طائف جديد؟

يواجه لبنان اليوم مرحلة دقيقة وصعبة كتلك التي واجهها قبل انعقاد مؤتمر الدوحة، فكما كانت الحكومة يومذاك غير قادرة على تنفيذ قراراتها فهي اليوم غير قادرة ايضاً على ذلك، وكما كان يتعذر انتخاب رئيس للجمهورية فهو اليوم يتعذر ايضاً، وكما كان الخلاف قائماً على قانون حال دون اجراء انتخابات نيابية، فإن هذا الخلاف اليوم حال ايضاً دون اجرائها فكان التمديد لمجلس النواب مرة أولى ومرة ثانية، ولم يخرج لبنان من ازماته التي استعصى على القادة فيه حلها إلا بعد حصول أحداث 7 أيار الشهيرة التي جعلت الدول الشقيقة والصديقة تتحرك وتدعو الى “مؤتمر الدوحة” الذي فرض على كل القادة في لبنان حلاً للأزمة، وإن كان بعض ما فيه مخالفاً للدستور وعلى قاعدة “الضرورات تبيح المحظورات”.

ثمة اسئلة مهمة لا بد من طرحها: هل ينتظر لبنان 7 أيار جديداً كي تتحرك الدول الشقيقة والصديقة لإنقاذه بالدعوة الى مؤتمر شبيه بمؤتمر الدوحة ولا أحد يعرف من يدعو اليه وأين يعقد؟! وإذا كان “حزب الله” هو الذي أشعل احداث 7 أيار للوصول الى مؤتمر يخرج لبنان من تداعياتها، فمن هو الحزب المهيأ اليوم لإشعال مثل هذه الاحداث؟ وهل لدى الدول الشقيقة والصديقة المنشغلة بالتطورات الخطيرة في المنطقة وقت للاهتمام بلبنان؟ وهل ما يجري على الارض من حراك غير منظم لهيئات مدنية قد يتصاعد ليدخل في مواجهة خطيرة مع قوى الأمن الداخلي التي قد تضطر الى الاستعانة بالجيش لفرض الأمن فيكون حراك هذه الهيئات المدنية سبباً لحراك غير مدني يدخل لبنان في المجهول؟ وهل يرى العماد ميشال عون الفرصة سانحة لتنفيذ ما اعلنه عندما كان في باريس وهو انه سيقلب النظام في لبنان إذا لم ينتخب رئيساً للجمهورية لانه وحده المستحق؟ قد تكون التظاهرة نحو قصر بعبدا هي البداية وأول الغيث كما هدد بذلك رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل في حوار تلفزيوني وكأنه لا يزال منتشياً بفوزه برئاسة التيار وإن بالتزكية. وهل يترك “حزب الله” حليفه “التيار الوطني الحر” يقوم عنه بعمل يشبه 7 أيار بالتزامن مع ما يجري في سوريا بعد التدخل العسكري الروسي فتكون روسيا وايران هما المدعوتان للتدخل لحل أزمة لبنان، أو الدعوة الى مؤتمر شبيه بمؤتمر الدوحة، ويكون حلاً شاملاً يتناول رئاسة الجمهورية والانتخابات النيابية وتشكيل حكومة؟ ومعلوم ان كل حل في لبنان، وخصوصاً في الظروف الصعبة والدقيقة يكون حل “اللاغالب واللامغلوب”، أي حل التسوية الذي جاء بحكومة الرئيس تمام سلام، وهي التسوية التي تأتي برئيس للجمهورية ايضاً، وهو ما حصل في الماضي بعد احداث 58 ومجيء اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية تحت شعار “لا غالب ولا مغلوب”، وجسَّد هذا الشعار تشكيل حكومة رباعية، وهو ما حصل ايضاً بعد اتفاق الطائف فكانت حكومة الوفاق الوطني.

أما لماذا بات تدخل الخارج هو المطلوب كل مرة لحل الازمات عندما تعصف بلبنان وليس القادة فيه، فالجواب هو انقسام هؤلاء القادة وعدم اتفاقهم على حل لأزمة الانتخابات الرئاسية، وهو ما جعل البابا فرنسيس يحمّل المسيحيين مسؤولية تعطيلها بسبب انقسامهم، وكلام البابا هذا لدى استقباله المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم هو بابا الكلام.

يكرر المسؤولون في “التيار الوطني الحر” المطالبة برئيس ماروني قوي كما اختار الشيعي والسني ممثلين اقوياء لهما، لكن فات هؤلاء ان الموارنة لم يتفقوا على اختيار رئيس قوي كما فعل الشيعة والسنّة ما جعل البابا فرنسيس يقول ما قاله عنهم، ولا اتفقوا حتى على أن ينافس مرشح قــوي هو العماد عون مرشحاً قوياً آخر هو الدكتور سمير جعجع، وتكون الكلمة لمجلس النواب لمعرفة من هو الاقوى فيهما ولكن بالتصويت وليس بالتعطيل والاستعانة بأقدام المتظاهرين.

لقد عرف الشعب ماذا حصل في 13 تشرين الاول 1990، لكنه لم يعرف بعد استماعه الى خطاب عون في جمهوره على طريق القصر ماذا بعد إحياء ذكرى 13 تشرين المحزنة: هل نذهب الى 7 أيار بطبعة جديدة لا خروج من تداعياتها إلا بدوحة جديدة، والى اتفاق طائف جديد، أم نذهب بعد تحكيم العقل الى مجلس النواب لانتخاب رئيس قبل أي أمرآخر؟