Site icon IMLebanon

ماذا بعد قرار بوتين  تغيير المعادلات الاستراتيجية؟

 

اسرائيل تصطدم بأن اللعب مع الدبّ الروسي له عواقب، خلافا لما اعتادته في اللعب مع أميركا وأوروبا وتركيا وسواها. وليس ما يحتج عليه بنيامين نتنياهو وسمّاه مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون التصعيد الخطير سوى حرمان اسرائيل من حرية الاعتداء على سوريا. فلا موسكو يمكن أن تتحمّل خداع اسرائيل في تفاهم التنسيق والتسبّب باسقاط طائرة روسية على متنها ١٥ عسكريا خلال الغارة الاسرائيلية على اللاذقية. ولا ما قرره الرئيس فلاديمير بوتين الغاضب هو مجرد معاقبة نتنياهو ومكافأة الرئيس بشار الأسد بمنظومة اس ٣٠٠ الصاروخية المتطورة.

ذلك ان القرار الروسي هو بداية تغيير المعادلات الاستراتيجية في الصراع الجيوسياسي، بعد سنوات من تغيير موازين القوى في حرب سوريا. فالهدف هو ضمان أقصى أنواع الحماية لأمن سوريا وأمن القوات الروسية فيها، حسب وزارة الدفاع الروسية. أولا عبر صواريخ اس ٣٠٠ القادرة على ضرب أية طائرة أو صاروخ في الأجواء السورية وحولها. وثانيا عبر تجهيز المراكز القيادية لقوات الدفاع الجوي السورية بنظام آلي للتحكّم موجود حصريا لدى الجيش الروسي ما يضمن الادارة المركزية لجميع الدفاعات الجوية السورية وتحديد جميع الطائرات الروسية من قبلها. وثالثا عبر اطلاق التشويش الكهرومغناطيسي في مناطق البحر المتوسط المحاذية لسواحل سوريا بما يمنع عمل رادارات واتصالات الأقمار الاصطناعية والطائرات أثناء أي هجوم.

لكن السؤال هو: هل وضع القرار الروسي الكبير نقطة في نهاية السطر الاستراتيجي أم ان الأجواء المغلقة مفتوحة على الأسئلة؟ هل انتهى تفاهم التنسيق بين موسكو وتل أبيب والذي قامت اسرائيل في ظلّه ب ٢٢٠ غارة على أهداف قالت انها ايرانية؟ ماذا عن التزام روسيا إبعاد القوات الايرانية والميليشيات التابعة لها نحو مئة كيلومتر عن خطوط الفصل في الجولان والحدود مع الأردن؟ ماذا عن طائرات التحالف الدولي بقيادة أميركا وحركتها الدائمة شرق الفرات؟ هل هناك قرار بصدام عسكري مع أميركا لا حدود لمضاعفاته أم ان التنسيق الأميركي – الروسي مستمر؟ وهل يدخل لبنان تحت مظلّة الحماية للأجواء السورية؟

الكل يتهيّب تقديم أجوبة سريعة. لكن الأجوبة لن تتأخر. بعضها سيظهر على المسرح. وبعضها الآخر يتبلور في الكواليس. فالانطباع السائد ان اعلان نتنياهو ان اسرائيل ستواصل الدفاع عن أمنها ومصالحها هو للاستهلاك الداخلي. ولا أحد يعرف ان كانت أميركا تكتفي بالأمل في ان يعيد الروس النظر في القرار كما قال بولتون أم تذهب الى أبعد في لعبة استراتيجية وتكنولوجية.

 

 

والمسألة في النهاية هي الخيار الذي اختصره وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان بأنه حلّ سياسي أو حرب دائمة في سوريا.