IMLebanon

ماذا بعد إزالة الشعارات؟

ما يدعو الى الاستغراب ورمي علامات الاستفهام في كل اتجاه، هو استمرار التشويش والقصف على الحوار الجاري بين «حزب الله» و «تيار المستقبل» من داخل التيار الازرق!

هو امر مزعج لأركان طاولة الحوار، ولكن هؤلاء يقاربونه بوصفه تشويشا بلا طائل ولا يملك القدرة على التعطيل او التأثير في المجريات الحوارية، ولا يغيّر شيئا في المعادلة القائمة. واما مصدره، فمجموعة «متوترون» بنوا مجدهم على الهجوم اليومي على «حزب الله»، فوجدوا انفسهم بين ليلة وضحاها انهم في زمن الحوار قد فقدوا ورقة الهجوم والتحريض على الحزب.

راهن المتوترون، بداية، على استفزاز راعي الحوار الرئيس نبيه بري، فنأى بالحوار عن عيون «الحاسدين والمشككين» على طريقته. وراهنوا على استفزاز «حزب الله»، فقابل الاستفزاز بالاصرار اكثر على مد اليد والحرص على الوصول الى قواسم مشتركة.

واما رهانهم الاكبر فكان على ارباك محاوري «المستقبل» وتعطيلهم وتصويرهم وكأنهم متروكون بلا غطاء، ففوجئوا بأن هؤلاء المحاورين تجنبوا حقل الألغام وأثبتوا جدارة الالتزام. فاجأهم هدوء سمير الجسر. وفاجأهم اندماج نادر الحريري في هذه التجربة التي يمكن ان تكون تأسيسية لمزيد من التوافق والتلاقي. وفاجأهم نهاد المشنوق بأن متابعته التنفيذية للحوار، كشفت عن حماسة.. والمثال حاضر في اندفاعته نحو ازالة الصور واللافتات، وغيرها مما هو آتٍ في المرحلة القريبة.

مفاجأة «المتوترين»، بالمشنوق خصوصاً، هي بمفعول رجعي، فهو استطاع من البداية ان يفصل بين الانتماء السياسي، وبين مسؤولية موقعه الرسمي، وبالتالي مارس الواقعية السياسية من خلال إدراك حدود الممكن والمستحيل، وفيه الكثير من الجرأة ليس فقط على اتخاذ القرار، بل على الإقدام وتنفيذ القرار، وبطريقة لا تمس ثوابته.

تبعا لما تقدم، ففي اعتقاد معنيين بالحوار، ان هذا التشويش قد لا يتوقف، لأنه كيدي من جهة، وصراخ يخاطب الجمهور بـ «نحن هنا» من جهة ثانية. وبالتالي لا تأثير له في المناخ الايجابي السائد ولا في الحوار الذي اثبت على مدى جلساته انه اقوى من التشويش، والطرفان يصران على الجلوس الى طاولة الحوار.

اثبت ذلك، والكلام للمعنيين، انه ليس حوار تضييع وقت او حوار طرشان كما يصفه «المتوترون»، بل هو حوار «تسليف الايجابيات» بين طرفين يدركان حاجة البلد اليها ومتيقنين من ان ما بينهما من نقاط تباين وخلاف لا تنتهي بكبسة زر، بل هما في رحلة الألف ميل، وها هي الخطوة الأولى تنطلق مع بند « تنفيس الاحتقان»، ونجح الطرفان في استيلاد ايجابيات، سواء بازالة الصور واللافتات أو تخفيض مستوى الاحتقان السني ـــ الشيعي الى مستويات دنيا، عبر اطفاء مضخات التعبئة والتحريض.

يبقى ان اجواء الطاولة الحوارية تشي بمودة، وجدية، وصراحة، وموضوعية، وواقعية، ومقاربة ما يُقَرِّب وتجنب ما يُبْعِد، ونظرة مشتركة الى خطوات ايجابية متتالية في الآتي من الايام، من ضمنها خطط امنية تحسم موضوع «السرايا» في اماكن تواجدها، وصولا الى الخطة الامنية في شقها البقاعي لوضع حد للظواهر المسيئة للمنطقة واهلها من لصوص وعصابات.