IMLebanon

ماذا بعد إنفراط عقد «14 اذار» وتحالف «التيار» و«القوات»؟

    التقسيمات الانتخابية المستحدثة ستترك تأثيراتها على التحالفات

وضعت القوى السياسية سير قطار الانتخابات النيابية على السكة، بعد اتفاقها على النقاط الاساسية لقانون الانتخاب وفتح دورة استثنائية للمجلس النيابي، وتحديد يوم 12 حزيران موعداً للجلسة النيابية التشريعية المخصصة حصراً حسب المرسوم لمناقشة واقرار قانون الانتخاب، فيما تتوقع المصادر المتابعة للاتصالات حول القانون، الاّ تشكل المسائل التقنية التي يجري بحثها عائقاً امام إقرار القانون، وهو الامر الذي عبرت عنه مواقف القوى السياسية خلال اليومين الماضيين، بما يوحي وكأنها بدأت التحضير عملياً لخوض الانتخابات.

ومن البديهي ان تكون القوى السياسية التي يتشكل منها البرلمان الحالي هي عصب الدورة الانتخابية المقبلة ولولبها، وهي التي تشكل عصب الحياة السياسية في البلد، لذلك تتجه الانظار الى شكل التحالفات التي ستقوم بين هذه القوى الاساسية الست او السبع، أو بينها وبين احزاب غير مشاركة في السلطة حاليا، كالكتائب مثلاً، او الاقطاب المستقلين غير الحزبيين، او قوى اخرى تمثل المجتمع المدني او قوى حزبية علمانية يسارية خارج كل هذه الاصطفافات كالحزب الشيوعي، مع الاخذ بعين الاعتبار انفراط عقد قوى «14 آذار»، بحيث ان ما كان ممكناً من تحالفات في الانتخابات الماضية قد يصبح من الصعب تجديده الان، وسيفرض تحالف «التيار الحر» و«القوات اللبنانية» نفسه في كثير من المناطق، كما قد لا يحصل تحالف انتخابي حسب مصالح كل طرف في كل منطقة.

ومن الطبيعي ان تكون للتقسيمات الانتخابية الجديدة تأثيراتها على التحالفات التي ستحصل في عدد من الدوائر المستحدثة، كدائرة صيدا – جزين مثلا، او دائرة البترون – الكورة – زغرتا – بشري، او دائرة طرابلس – المنية – الضنية، فيما يُرتقب ان تبقى التحالفات ذاتها في الدوائر التي لم تتغير كدائرة قضاء بعبدا او دائرة قضاء المتن، ما لم يفرض تحالف «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» تغييرات دراماتيكية خاصة في بعبدا، التي تشكل خليطاً مسيحياً – شيعياً – درزياً يحسب الحساب لكل شريحة منه، برغم ضعف حجم «القوات» الانتخابي في المنطقة.

علماً انه ليس من الصعوبة حصول تحالف بين «القوات» و«حزب الله» من ضمن تحالف الحزب و«التيار الحر»، كما حصل في انتخابات العام 2005 من ضمن التحالف الرباعي وقتها، برغم من ان الظروف مختلفة سياسياً وامنياً، وما فرض هذا التحالف وقتها قد زال، وقد يتحالف «حزب الله» و«حركة امل» مع النائب وليد جنبلاط في هذه الدائرة اذا تمت المصالحة النهائية بينهما، لكن يبقى السؤال ماذا اذا رفض التيار الحر التحالف مع جنبلاط وكيف سيتصرف «حزب الله»؟

والسؤال الاساسي الذي يُطرح بقوة الان: ماذا عن الخلاف الناشئ بين الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط؟ وهل إن المعطيات السياسية المناطقية ستفرض عليهما التحالف في بعض المناطق، لا سيما في الشوف المختلط مسيحيا واسلامياً (سنّة ودروز)، وفي البقاع الغربي وراشيا المختلط سنياً ودرزياً ومسيحياً، وحيث يحتاج كل طرف لكتلة انتخابية كبيرة من الطرف الاخر تدعمه للوصول الى البرلمان.

ففي الشوف يحتاج «تيار المستقبل» لأصوات الحزب الاشتراكي الدرزية، ويحتاج الاشتراكي لأصوات «التيار الازرق» السنية، وكلاهما يحتاجان الى كتلة اصوات مسيحية وازنة توفرها أكثر من جهة حزبية او سياسية او مستقلة. لذلك تبدو الكتلة المسيحية الاكثر جذباً للمرشحين لتعدد القوى السياسية فيها. من دون ان ننسى اصوات الحزب السوري القومي الاجتماعي والوزيرين الاسبقين وئام وهاب وناجي البستاني و«الجماعة الاسلامية».

وفي الشمال (3 دوائر) ستشهد المناطق الانتخابية خلط اوراق واسع في ظل التقسيمات الجديدة، وانقلاب التحالفات وتبدل الخيارات لدى «تيار المستقبل» والقوى الاخرى الوازنة مثل الرئيس نجيب ميقاتي والنائب محمد الصفدي وتيار الرئيس عمر كرامي، و«تيار المردة» والحزب القومي و«القوات اللبنانية» والقوى الاسلامية.

وكذلك الحال ستشهد مناطق المتن وزحلة وصيدا – جزين ترتيب تحالفات او اصطفافات جديدة، في ضوء ما سيكون عليه موقف قوى وازنة مثل «حزب الكتائب» وتيار النائب ميشال المر في المتن، وتيار ايلي سكاف في زحلة، والتيارات السياسية في صيدا، والتقليدية والقوى الاخرى في جزين.

اما بيروت فلها حساب اخر نظراً لوجود اغلبية القوى السياسية فيها، وسيتقرر مصير التحالفات فيها في ضوء قرار «تيار المستقبل» الناخب الأكبر في العاصمة.

ولعل اعتماد النسبية في الدائرة الانتخابية الواسعة او تلك التي اعتمد فيها القضاء وحده (بعبدا والمتن وعكار) سيشجع الكثير من قوى المجتمع المدني على الانخراط في خوض معترك الانتخابات بوجه «المحادل والبوسطات»، وستبني تحالفات مع قوى حزبية قائمة مثل الحزب الشيوعي وبعض الاحزاب والقوى الاخرى. وعلى القوى الكبيرة صاحبة «المحادل والبوسطات» ترتيب اوراقها وامورها على اساس ان المنافسات في الكثير من المناطق ستكون حامية.

ولوحظ ان بعض القوى السياسية قد باشرت من الان حملاتها الانتخابية، برغم وجود احتمال التمديد سنة للمجلس النيابي للاسباب التقنية المرتبطة بالقانون الجديد، لكن القوى السياسية بحاجة لتجديد نفسها بعدما استهلكها التمديد للمجلس، وهي بحاجة امام جمهورها لتحديد كيفية التعاطي مع المراحل المقبلة بعد الانتخابات، لا سيما حول الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمطلبية، وربما تقع جولات بعض كبار المسؤولين الرسميين والحزبيين على المناطق في اطار استنهاض جمهور كل طرف.