انعكست موجة الذعر التي تسببت بها التحذيرات الصادرة عن سفارات غربية، على الاسواق بحال سلبية جدا لدرجة ان كبريات المتاجر كادت ان تفتقد معظم روادها في عطلة الأسبوع.
والمؤسف ان التطمينات تأخرت اكثر من اربع وعشرين ساعة، فيما كان مفترضاً بالمعنيين خصوصاً الامنيين ان يبادروا الى تعميم بيانات التطمين فور تعميم البيان الاول الذي اصدرته السفارة الاميركية، ثم كرت السبحة عن البلدان الغربية الاربعة الاخرى.
وقيل في تبرير التأخير كلام كثير، أبرزه الآتي:
أولاً- كان لا بد من عملية تقاطع معلومات لغربلتها بين الشائعة والحقيقة… لتجاوز الشائعة والتأكد من نسبة الحقيقة. وهي ليست مسألة كبسة زر، بل تقضي (وقد اقتضت فعلاً) مروحة من الاتصالات بالعواصم المعنية التي «تطوعت» سفاراتها، بل تبارت في ما بينها، لتعميم التحذيرات على رعايا بلدانها. وتلك مسألة تحتاج وقتاً ما، قد لا يكون طويلاً، ولكنه ليس مسألة ساعات وحسب. وهذا الذي حصل فعلاً.
ثانياً – لا شك في أن الأمن ممسوك وهو ايضاً متماسك، ولكن أحداً لا يمكنه أن يدعي انه ضبط الشبكات الإرهابية بشكل حاسم. إذ تتعذر السيطرة الكلية على تلك الشبكات وبالتالي فإن الجزم بأنّ شيئاً لن يحدث، فلا عملية إرهابية ستنفذ ولا إرهابيون سينفذون… إن مثل هذا الجزم من شأنه أن يولّد خيبة رهيبة في حال حدث ما يمكن حدوثه من تطورات قد تكون، لا سمح اللّه، عملية إرهابية بارزة، بالغة الخطورة والتداعيات.
ثالثاً – من هنا يمكن أن يُفهم اللاتسرّع من قبل قيادة الجيش وأيضاً من وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير الخارجية جبران باسيل الذي بادر الى الإتصال بالعواصم المعنية سفاراتها ببيانات التحذير. وتلك كلها إقتضت بعضاً من الوقت.
وإذا كان التوضيح مفهوماً ومقبولاً فإنّ غير المفهوم والمقبول ذلك التهافت بين السفارات المعنية على إصدار البيانات بالشكل العلني اللافت الذي كان له التأثير السلبي الخطر على لبنان الذي شهد صيفاً حفل بموسم سياحي فوق المستوى الجيّد. وكما قال مسؤول في القطاع السياحي فإننا نشكر اللّه كون «مهرجان التحذيرات» لم تقمه السفارات تلك في مطلع الصيف، وإلاّ «لكانت خربت بيوتنا».
نحن لا نريد أن نجاري الكثيرين (جداً) من الناس العاديين الذين توافقوا (عبر مواقع التواصل الإجتماعي) على أنّ «همروجة» التحذيرات لم تكن بريئة. بل إننا نرى أنّ وراءها أسباباً موجبة ومعلومات أجهزة متطورة جداً وذات إمكانات خارقة… (ونحن نتحدث عن واشنطن وباريس ولندن وأوتاوا وبرلين). إلا أننا كنا نأمل لو أن جماعة الخير هؤلاء أبلغوا رعاياهم بأساليب عديدة لا يعدمونها وليس بالبيانات المعمّمة في وسائط الإعلام.
وبعد،
هل إنتهينا؟
لقد مرّت بسلامة فهل باتت العمليات الإرهابية وراءنا؟
نحن نرى أنّ المسألة تحتاج الى كثير من الحذر… فالإرهاب مثل أفعى الأسطورة ذات الرؤوس الكثيرة… كلما قطعت لها رأساً نبت آخر. والثقة كبيرة بالعين اللبنانية الساهرة.