Site icon IMLebanon

ماذا يُحضِّرون للبنان والأردن… واللَّاجئين؟

من المفارقات أنّ أزمات اللاجئين المتعاقبة، في لعبة الدومينو الشرق أوسطية، هي سببٌ أساس في إهتزاز الكيانات أو سقوطها: الفلسطينيون أولاً، ثمّ العراقيون والسوريون، وربما آخرون لاحقاً.

لبنان يستضيف مليونَي سوري و600 ألف فلسطيني… وآخرين اليوم يهتزُّ الكيان السوري وربما يكون قد سقط عملياً أو هو قيد السقوط. ولكن قبل ظهور الصورة الأخيرة للمشهد السوري، تترنّح الكيانات الأخرى المجاورة، وأبرزها لبنان والأردن.

وعدم سقوط لبنان والأردن أو غرقهما في الحروب الأهلية لا يعود إلى تماسكهما الوطني. فمن دون أدنى شك، إنهما أقلّ تماسكاً من سوريا بكثير، وأقلّ مقاومةً للحروب الأهلية. ومع ذلك، يترنَّح هذان البلدان ولا يقعان.

وفي تقدير الخبراء أنّ لبنان والأردن موضوعان تحت السيطرة حتى نهايات اللعبة الجارية في الشرق الأوسط حالياً، والتي سيحصد الإسرائيليون ثمارَها الحقيقية بتصفية القضية الفلسطينية وإقامة «دولة النقاء العرقي والديني»، بتهجير عرب 1948 وقطع الطريق نهائياً على حقّ الفلسطينيين في العودة.

ولأنّ لبنان والأردن وسوريا هي البلدان المجاورة الأكثر إحتضاناً للّاجئين الفلسطينيين، ففيها يجب أن تتجلّى نهاياتُ المسلسل الشرق أوسطي الطويل، أيْ إخراج إسرائيل من مأزقها المصيري، وتخليصها من أعباء القضية الفلسطينية.

اليوم، تتفكّك سوريا، وكذلك العراق. وأمّا لبنان والأردن فيترنَّحان تحت الأعباء الديموغرافية والأمنية والإقتصادية والسياسية التي يتسبّب بها اللاجئون حتى يكادا أن يسقطا. لكنّ البلدين يتلقّيان دعماً دولياً يسمح لهما بالإستمرار كيانين موحَّدين، ولو في الشكل.

وقد بدأ إستحقاقُ الأردن في أيلول 1970، أيْ بعد 3 سنوات على حرب 1967، عندما تعرَّض لأول مواجهة مع الفلسطينيين في ما سمّي «أيلول الأسوَد». وتلقّى العرش يومذاك دعماً سمح له بالمحافظة على تماسك البلد. لكنّ الأردن ينوء تحت أعباء اللجوء.

وأمّا لبنان فانتقلت إليه المواجهة بعد الأردن إلى أن وقع الإنفجار اللبناني- الفلسطيني في العام 1975، ومعها انفجر لبنان. ودامت حربه الأهلية التي كادت تقسِّمه أكثر من 15 عاماً… وهي مستمرَّة حتى اليوم في أشكال أخرى. ويهدِّد وجود اللاجئين بانهيارات حتمية آتية.

في لبنان اليوم: 4.5 ملايين لبناني، مليونا سوري، 600 ألف فلسطيني، وآخرون.

وفي الأردن: 6.5 ملايين أردني، 2.5 مليون سوري، 1.75 مليون فلسطيني، ربع مليون عراقي وآخرون. وهذه الأرقام تؤشر إلى مأزق كبير تعيشه البلدان على المستوى الديموغرافي. فعندما تنزح مجموعات كبيرة من أحد الكيانات المتجانسة إجتماعياً ودينياً، عبر حدود متهالكة، إلى كيانات مجاورة، يصبح تافهاً الكلام على حدود ودول مستقلة.

وعندما تنوء الدول المستضيفة تحت أثقال النازحين، وتعجز عن مواجهة الانعكاسات أمنياً واقتصادياً واجتماعياً، فإنها تصبح مهدَّدة في مصيرها. وهذا هو الخطر الذي يتعرَّض له لبنان والأردن، بعد اندلاع الحرب السورية وبتأثير منها.

لذلك، قد تسقط سوريا ككيان متماسك، تحت وطأة الحرب الأهلية. ولكنّ استمرار الحرب يُنضِج الظروف التي قد تؤدّي إلى تفجير كيانين آخرين: لبنان والأردن. وسيجد الإسرائيليون فرصتهم الذهبية لتوطين فلسطينيي الشتات والفلسطينيين الذين تنوي إسرائيل تهجيرهم عبر الأردن… «الوطن الطبيعي للفلسطينيين» وفق مقولة ديفيد بن غوريون.

فالدراسات الإسرائيلية تجزم بأنّ النموّ السكاني العربي في إسرائيل يقارب الـ4%، فيما النموّ السكاني عند اليهود لا يتجاوز الـ2%. وهذا المأزق سيقود إسرائيل إلى النهاية قريباً كحلم صهيوني. ولذلك، ثمّة مخطط لفرز الشعوب الشرق أوسطية عرقياً ودينياً ومذهبياً كي يَسهُل دمجها على أسس مختلفة.