اللهجة التصعيدية تؤشّر إلى مرحلة جديدة
ما هي خلفيات هجوم الحريري العنيف على «حزب الله»؟
تتجه الساحة الداخلية الى مزيد من التصعيد والتوتر. هذا ما «يحلله» السياسيون، ويشارك بعضهم في بث أجوائه من دون ان يملكوا معطيات تفصيلية عن وقائع التطورات ومآلها.
جاء كلام الرئيس سعد الحريري امس عن «السياسات الرعناء التي يمارسها حزب الله» ليطلق العنان لموجة من الهجوم العالي النبرة في أوساط «تيار المستقبل». انتقلت ثقة الحريري المفرطة والجازمة بأن «ما من قوة في العالم، لا حزب الله ولا الحرس الثوري الإيراني ولا آلاف الأطنان من البراميل المتفجرة (…) سيكون في مقدورها ان تحمي بشار الاسد من السقوط» الى نواب وقياديين في «المستقبل». فكرروا كل بلغته وأسلوبه حسم المعركة في سوريا ووصولها الى «خواتيمها السعيدة»، بحسب مفهومهم. لم يفتهم الاستناد الى كلام الملك سلمان بن عبد العزيز في انه «لن يكون للاسد دور في مستقبل سوريا». لكن الأكثر مدعاة للقلق انعكاس هذا الكلام وترجماته على الوضع الداخلي. فحين يعتبر الحريري ان «حزب الله في هذا المجال شريك مباشر في الجريمة التي يحشد في القلمون لاستقدامها الى لبنان والعمل على زج القرى البقاعية الحدودية بها»، فإن مستوى جديدا من الخطاب والاتهامات والتوصيفات تفرض نفسها.
اللهجة التصعيدية التي ضخها الحريري أمس جعلت الرئيس فؤاد السنيورة يبدو كحمامة سلام وهو يتحدث عن «السطوة الايرانية في المنطقة المدفوعة بنظرية تصدير الثورة المرتكزة على فكرة ولاية الفقيه». إلا ان قياديين في «المستقبل» تكفلوا بترجمة موسعة لكلام الحريري. يعتبر أحد النواب ان «الحريري لم يقل شيئا جديدا في مضمونه. فنحن منذ اندلاع الثورة في سوريا انحزنا في الموقف الأخلاقي والسياسي ضد النظام القمعي الذي خبرناه جيدا. ومنذ ان تورط حزب الله في الحرب السورية ونحن ندعوه الى الانسحاب وتجنيب لبنان تبعات هذه المشاركة. كلام الحريري جاء ليؤكد مرة جديدة مسؤولية الحزب المصيرية عن الأخطار التي يأخذ لبنان اليها وتبعات رضوخه للمشيئة الايرانية». يضيف «لمن شاء القراءة بتمعن، ففي الكلام نداء أخير للحزب للتمسك بطوق نجاة الارادة الداخلية لمعظم الشعب اللبناني والعودة الى الداخل اللبناني لترتيب أمورنا وتحصين جبهتنا». ويجزم النائب بأن «نظام بشار الاسد سيسقط وينتهي. هي مسألة وقت. فلمَ يربط حزب الله مصيره، هو المكون اللبناني الذي نحرص عليه، بمصير نظام خارجي تدينه وتجرّمه معظم دول وشعوب العالم العربي والدولي؟».
فيما وضع «المستقبليون» أسطرا تحت كل عبارة من عبارات الحريري التي تدين النظام السوري و «حزب الله» وتحذرهما من «استمرار المكابرة والذهاب الى حروب جديدة»، توقف أحد السياسيين الوسطيين عند السطر الاخير من كلام الحريري الذي اعتبر فيه ان «حزب الله شريك مباشر في الجريمة التي يحشد في القلمون لاستقدامها الى لبنان»، ليخلص الى تحذير ودعوة «كل الجهات المؤتمنة على سلامة اللبنانيين والعسكريين الى المجاهرة برفضها وعدم تغطيتها». ويسأل السياسي: من هم المعنيون بهذا الكلام؟ وهل المقصود منه الجيش والقوى الامنية؟ هل له مترتبات وتداعيات سياسية على ضوء التطورات في القلمون؟».
يقرأ السياسي الوسطي موقف الحريري بكليته ليخلص الى انه «يتضمن نفسا جديدا. يمكن ان يقال بسهولة انه عالي السقف، يغلق باب الحوارات ويسخفها ويفتح أبواب اشتباكات داخلية متعددة.. أوليس أول الحرب كلام؟». ويعتبر ان «هذا الكلام تحديدا يأخذ أبعادا ودلالات خاصة، لأنه يأتي في توقيت تشعبت فيه لقاءات الحريري العربية والدولية. وهو ما لا يمكن إسقاطه من تأثيره على المضمون الحازم للكلام وللرسائل الواضحة الذي تضمنه. ولا شك بأنه سيكون له صدى واسع وسيُبنى عليه، ليس فقط في اوساط المستقبل بل لدى كل مكونات 14 آذار. وبالتالي سيقابله كلام من الوزن نفسه في أوساط 8 آذار، ما يوحي أن أياما وأسابيع حارة تنتظر اللبنانيين على أكثر من جبهة في هذا الزمن الربيعي».