Site icon IMLebanon

ما هي خلفيات زيارة الملك سلمان لمصر وتركيا؟

في ظلّ الأوضاع الإقليمية والدولية المُعقّدة جدّاً وانشغال الجميع بمفاوضاتِ جنيف بين الحكومة السورية والمعارضة توازياً مع استمرار الدعم الروسي للجيش السوري، خصوصاً في هجومه ضدّ مدينة حلب لاسترجاعها من المعارضة المُسلّحة، كانت لافتة زيارة الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر ثمّ إلى تركيا حيث شارك في القمّة الإسلامية التي اختتمت أعمالها أمس.

اعتبر الأستاذ المحاضر في العلاقات الدولية الدكتور وليد الأيوبي، في حديث لـ»الجمهورية»، ردّاً على سؤال يتعلّق بزيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى مصر ثمّ إلى تركيا، أن «لا شكّ بأنّ الأحداث التي تحصل على المستوى الإقليمي هي إمتدادٌ للأحداث الدولية»، مُضيفاً: «لا يُخفى على أحد بأنّ تركيا والسعودية هما جزءٌ من تحالفٍ تُغطّيه المظلّة الغربية والأميركية، ومصر تتموضع بشكل وسطي بين الحلف الأميركي – السعودي وبين «البريكس» أو الحلف الروسي – الإيراني».

وأوضح أنّ «هناك تجاذبات سياسية استراتيجية وغيرها بين هذه القوى الإقليمية والدولية، وتأتي زيارة جلالة الملك السعودي إلى مصر في هذا الإطار، لإستمالة الموقف المصري باتجاه موقف بلاده من القضايا الإقليمية».

وتابع الأيوبي أنّ «الزيارة تأتي أيضاً ضمن استراتيجية التقارب المفترَض أن تحصل بين تركيا ومصر لأنّ العلاقات بينهما مُتوتّرة فلا يستقيم هذا التحالف الثلاثي المصري – السعودي – التركي إلّا بتقارب تركي – مصري، والسعودية هي الدولة المؤهّلة للقيام بهذا الدور بالنظر إلى العلاقات الطيّبة بين الطرفين».

وشدّد على أنّ «هدف الزيارة إذاً هو تقريب وجهات النظر والاتفاق على موقف واحد من القضايا الإقليمية»، لافتاً إلى أنّ «الدور الروسي المتعاظم إقليمياً يدعو هذه الدول أيضاً إلى التعاون في ما بينها لأنّ هناك تناقضات بين هذه القوى، فاليوم يتّفق الجميع وروسيا ضمناً على محاربة الإرهاب والقوى الإرهابيّة والمُسلّحة».

ورأى أنّ «الموقف من تنظيم «داعش» وإخوانه متجانس، لكنّ هناك خلافاتٍ جوهرية تتعلّق بملفات أخرى ما يُعرقل عملية القضاء على «داعش»، مشيراً إلى «إشكالات في ما يتعلق بالملفّ الكردي، فمواقف واشنطن وموسكو متجانسة ومُتفقتان على هذا الموضوع. أمّا في المقابل، فنرى أنّ هناك إجماعاً بين تركيا وسوريا وإيران ويتناقض موقفهم مع الأميركي والروسي».

وأكّد أنّ «هناك تشابكاً كبيراً في الملفات بحيث تستحيل علينا معالجتها كلّها دفعة واحدة»، مضيفاً أنّ «هذه الخلافات والتناقضات في هذه الملفات ليست جديدة، فكانت هناك خلافات بين السعودية وتركيا وإيران بخصوص الملف النووي الإيراني، فضلاً عن الخلاف بين تركيا وإسرائيل في هذا الملف أيضاً».

وأشار المحاضر في العلاقات الدولية أنّ «هذه الخلافات لا تُلغي «العوامل الحاكمة» للنزاع، فهناك في النهاية تحالفاتٌ ثابتة كالتحالف التركي – السعودي وبين دول الخليج، والموقف المصري ما زال مرتبكاً لذلك لا ندري كيف يمكنه أن يكون جزءاً من هذا التحالف»، مؤكّداً أنّ «التحالف الإيراني – السوري ما زال ثابتاً والموقف العراقي يشبه المصري لكن يميل أكثر إلى الموقف الإيراني – السوري». وأضاف أنّ «سوريا والعراق أصبحتا ساحاتٍ خلفية لهذا النزاع، ولا نعلم كيف نصل إلى تسوية في هذا الشأن»، معتبراً أنّ «تداعيات الحرب السورية تُظهر أنّ الجميع خاسر، والتحدّي هو كيف نُحوّل الخاسرين إلى رابحين في هذا المشهد».

وفي ما يتعلق بإمكان تشكيل قوّة عربية مرادفة لدخول الحرب السورية ومحاربة «داعش»، شدّد الأيوبي على أنّ «سيناريو دخول قوّة عربية إلى سوريا ليس وارداً أبداً في ظلّ الدعم الروسي المستمرّ للنظام السوري لأنّه يُعتبر سيناريو حرب عالمية»، مشيراً إلى أنّ «هذا لا ليس قراراً إقليمياً بل دولياً، ولا مصلحة لواشنطن في هذه المواجهة لأنّ المصالح الأميركية تذهب في اتجاه المحيط الهادئ والشرق الأدنى أكثر منها في الشرق الأوسط».