نجح الرئيس نبيه بري في تجاوز «قطوع» التصعيد الساخن الذي اصاب الساحة الداخلية مجددا بعد اعدام السلطات السعودية للشيخ نمر النمر، واستطاع ان يحمي الحوار على المحورين الوطني والثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل.
والحقيقة ان رئيس المجلس استطاع ترسيخ استمرار هذين المسارين رغم كل ما جرى تقول مصادر نيابية، مستفيدا من رغبة كل من الطرفين بعدم قطع حبل هذا التواصل لقناعتهما بمخاطر مثل هذا السلوك على الاستقرار العام في البلاد.
ولم يقتصر نجاحه على هذا الصعيد تضيف المصادر بل تمكن ايضا من احراز تقدم واضح على صعيد المسعى الذي بدأه منذ اسابيع لاعادة تفعيل عمل الحكومة، ومن المنتظر ترجمة ثمار هذا الجهد الاسبوع المقبل بعد دعوة رئيس الحكومة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء يوم الخميس المقبل.
وتقول المعلومات ان هذا الموضوع سيكون الموضوع الاساسي مرة اخرى على طاولة الحوار الوطني يوم الاثنين، وان هناك اجواء تشير الى رغبة حزب الله باقناع حليفه العماد عون بالمشاركة في الجلسة من خلال تأكيد صيغة التوافق على القرارات ومعالجة موضوع المجلس العسكري الذي يركز عليه التيار الوطني الحر.
ويسجل لبري انه استطاع رغم حجم القلق الذي اجتاح الساحة الداخلية بعد العاصفة الاقليمية الجديدة ان يبادر الى تبريد الاجواء بحسب المصادر، مع العلم ان ما جرى شكل له شخصيا صدمة على غير مستوى.
وتنقل مصادر مقربة ان الاجواء لم تكن تؤشر الى حصول ما حصل على صعيد اعدام الشيخ النمر لا سيما بالنسبة لمسار العلاقات الايرانية – السعودية التي شهدت مؤخرا مؤشرات ايجابية يمكن البناء عليها ومنها:
1- حصول اجتماعين على مستوى اللجنتين الامنية السياسية بين البلدين في مسقط.
2- تسمية المملكة العربية السعودية سفيرا جديدا لها في طهران.
3- المصافحة الحارة التي جرت بين وزير خارجية البلدين في فيينا، وان لم ترتق الى مستوى الاجتماع بينهما.
وتضيف المصادر الى ان هذه الاشارات وما نقلته اوساط ديبلوماسية غربية مؤخراً كانت تدل على ان الامور تسير باتجاه ايجابي بين البلدين تمهيداً لمرحلة جديدة من التواصل المباشر على مستوى أعلى لمعالجة نقاط الخلاف بينهما.
وفي المقابل ترى مصادر سياسية بناء لتقارير ديبلوماسية اخرى ان اعدام السلطات السعودية للشيخ النمر يرتبط بالحسابات والمعطيات الداخلية في المملكة، او ربما كان ردة فعل على مصرع احد ابرز رموز المجموعات المسلة السورية المدعومة من السعودية زهران علوش.
وفي كل الحالات فان ما حصل لم يأت في السياق المحسوب لمسلسل التطورات، او على الاقل ان التوقيت كان مفاجئا وغير متوقع، مع العلم ايضا ان الوقائع والمعطيات لم تكن تؤشر الى احتمال ذهاب السلطات السعودية الى حدود اعدام الشيخ النمر.
ومما لا شك فيه ان ما حصل شكل ضربة قوية لمبادرة انتخاب النائب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية، تقول المصادر، وزاد الطين بلّة على مسار هذه المبادرة التي كانت اصيبت بانتكاسة كبيرة جراء المعارضة الداخلية اللبنانية التي واجهتها.
واللافت في هذا المجال ما نقل عن بري قوله ان المبادرة باتت الان في الثلاجة، فماذا تعني هذه العبارة؟
تقول مصادر مقربة من رئيس المجلس ان العبارة واضحة ولا تحتمل التأويل، فالمقصود ان المبادرة المذكورة لم تمت لكنها اصبحت مؤجلة ومجمدة حتى اشعار آخر، مع العلم ان ليس هناك اصلا اي بديل لها في المرحلة الراهنة.
وتضيف المصادر ان هذا الجمود لم يصب المبادرة بحد ذاتها فقط بل اصاب ايضا الاستحقاق الرئاسي، وبات الانتظار سيّد الموقف.
ولا يعني ذلك ان ما جرى صرف النظر نهائيا عن المبادرة، لكنه بالتأكيد شكل عاملا اضافيا لوضعها جانبا لفترة معينة يصعب تحديدها قبل انقشاع المشهد العام في ضوء مسار ومصير العاصفة التي ولدها اعدام الشيخ النمر وما نجم عنه من تداعيات وردود افعال.
اما على المستوى الداخلي فان ما حصل ايضا زاد من حدّة التعاطي مع مبادرة انتخاب فرنجية، وقلل فرص نجاح التفاوض حولها خصوصا على مستوى تأزم العلاقة وتفاقمها بين حزب الله وتيار المستقبل، وما تعرض له الحزب من مواقف وقرارات وضغوطات من قبل المملكة العربية السعودية على غير مستوى.