تدشين مسار جديد للعلاقة السعودية مع روسيا
ما هي الرسائل التي حملها الحريري إلى موسكو؟
بعد الزيارات التي قام بها الى لبنان وأنجز في خلالها جملة من الملفات المتصلة بالبيت الداخلي لتيار «المستقبل»، وتلك المتعلقة بملف دار الفتوى، وصولا الى متابعة الهبتين السعوديتين لتسليح وتجهيز الجيش اللبناني، كانت لافتة الزيارات التي قام بها الرئيس سعد الحريري الى عواصم عدة، أبرزها أنقرة وواشنطن وموسكو.
أتت الزيارة الى تركيا عشية بدء الحرب السعودية على اليمن، وسبقت الزيارة إلى الولايات المتحدة الاميركية قمة «كامب دايفيد» الاميركية ـ الخليجية، فيما أتت زيارة موسكو مع بدء الحديث عن تسوية سياسية للملف اليمني كمقدمة لحلول تشمل كل ملفات المنطقة.
واللافت ايضا، ان ما يقوم به الحريري يشبه الى حد كبير ما كان يقوم به والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي كان يعرف في الثمانينيات من القرن الماضي بالموفد والوسيط السعودي. وعند ترؤسه للحكومة اللبنانية استمر في لعب هذا الدور، وبشكل أكثر فاعلية، حتى وصف بوزير خارجية العرب. وفيما ساهمت المهام الحساسة التي أداها الحريري الأب في حل العديد من الملفات العالقة بين سوريا ودول أوروبية وعالمية، أو بين السعودية ودول أخرى، كذلك يضطلع الحريري الابن بدور له أبعاد تتصل بالمقاربات المعمول عليها لإنضاج التسويات في المنطقة.
لماذا طرق سعد الحريري الباب الروسي؟
تقول المعلومات الديبلوماسية «ان لزيارة الحريري المهمة الى موسكو بعدَين: الاول داخلي يتصل بالدور الروسي المساعد للبنان في اتمام استحقاقاته، لا سيما بعد دور الديبلوماسية الروسية في اكتمال نصاب مجموعة الدعم الدولية التي انتهت الى خلاصات شكلت مظلة استقرار وأمان للبنان، وصولا الى المساعدة في ازالة العوائق امام تشكيل الحكومة الحالية، اضافة الى الاعلان الروسي المستمر عن دعم لبنان سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وما يمكن ان تقوم به روسيا لاتمام الاستحقاق الرئاسي. أما الثاني، فإقليمي، وهو في حقيقة الامر يتصل بالموقف السعودي من مختلف قضايا المنطقة، وسط توجه سعودي جديد من شأنه تأمين تحقيق اختراقات ايجابية للوصول الى حلول تسووية».
تضيف المعلومات الديبلوماسية: «ان العلاقات الروسية ـ السعودية شابها الكثير من العثرات في المرحلة السابقة، اذ وقع احد اجنحة الحكم في السعودية بأخطاء قاتلة خلال توليه ادارة ملف العلاقة بين الرياض وموسكو، إن لجهة ملف الارهاب التكفيري أو لجهة ملفات الشيشان وملفات المنطقة من العراق الى سوريا الى ليبيا، وصولا الى لبنان، واليوم هناك ملف اليمن. واكثر ما عكّر صفو تلك العلاقة اعتماد بندر بن سلطان سياسة العصا والجزرة مع موسكو، الامر الذي ردت عليه في حينه بقساوة بعدما ظن ان بامكانه شراء المواقف والتوجهات الروسية بالصفقات التجارية والمالية. لذلك يأتي دور الحريري في اطار تقديم الوجه الجديد للقيادة السعودية الجديدة التي تحمل نفسا مغايرا كليا عن القيادة السابقة في التعامل مع روسيا».
أما بشأن الرسائل التي حملها الحريري من الرياض الى موسكو، فتكشف المصادر الديبلوماسية معلومات دقيقة مفادها ان الحريري ابلغ القيادة الروسية رسالة من القيادة السعودية تتضمن خمس ركائز، هي:
1ـ إن الرياض تثمن عاليا موقف موسكو في امتناعها عن وضع الفيتو على القرار الذي صدر عن مجلس الامن الدولي الخاص بالازمة اليمنية.
2ـ إن الرياض تتفهم مخاوف موسكو من الخطر التكفيري الارهابي الذي يطالها هي ايضا، وتعمل كما موسكو على محاربته.
3ـ إن الرياض تتفهم ايضا مصالح موسكو الدولية، خاصة في منطقة الشرق الاوسط، ومستعدة للتفاهم معها والحفاظ عليها.
4ـ إن القيادة السعودية تتفهم الخطر الذي يتهدد موسكو من مسألة الشيشان، وهي مستعدة لمساعدتها على حله ضمن الامكانات المتاحة لديها.
5ـ إن القيادة السعودية الجديدة تختلف بتوجهاتها عن القيادة السعودية السابقة التي لم تحسن التعامل الايجابي مع موسكو.
كما تؤكد المصادر أن التجاوب الروسي كان كبيرا مع ما طرحه الحريري، ان بشقه اللبناني او بشقه السعودي، خصوصا ان الحريري تناول الخطوط العريضة من دون الدخول في التفاصيل التي تبحث على مستوى القيادتين السعودية والروسية.