يطوي مجلس النواب اليوم صفحة النظام الاكثري بإقراره للمرة الاولى في لبنان قانوناً انتخابياً يعتمد النسبية الكاملة، بغض النظر عن التقسيمات والدوائر والآلية التي يتضمنها القانون، والتي احدثت وتحدث تشويها واضحاً للنظام النسبي والاهداف منه.
ومن المنتظر ان يقر المجلس مشروع القانون الذي احالته الحكومة على عجل في سباق مع الوقت قبل انتهاء ولايته، ليفتح باب مرحلة التحضيرات للانتخابات النيابية الموعودة في ايار عام 2018، وليعيد تزخيم عمل المؤسسات الدستورية للتصدي لكثير من المشاكل والاستحقاقات الداخلية والخارجية.
وكما هو متوقع فان الجلسة اليوم لن تكون طويلة باعتبار ان الكتل الرئيسية ومعظم القوى شاركت في صياغة واقرار المشروع في مجلس الوزراء الذي يشكل اصلاً مجلساً مصغراً.
وحسب مصادر نيابية فان الرئيس بري سيفسح في المجال امام مناقشة القانون بشكل عام بحيث يتوقع ان يستغرق مثل هذا النقاش ساعة او ساعة ونصف الساعة يصار بعدها الى المطالبة بإقرار مشروع القانون بمادة وحيدة، وبالتالي يجري إقراره باغلبية تلامس الاجماع.
وترى المصادر ان النقاش سيتمحور حول التحفظات نفسها التي سجلها بعض الوزراء في مجلس النواب لا سيما تلك المتعلقة بتغييب «الكوتا» النسائية عن القانون، وعدم تخفيض سن الاقتراع، وبعض تقسيمات الدوائر التي يرى البعض انها راعت قوى او مرشحين معينين.
كذلك يتوقع ان يطرح بعض النواب اسئلة واستفسارات حول التحضيرات للانتخابات المقبلة، خصوصاً في ما يتعلق باعتماد البطاقة الانتخابية الممغنطة التي يعتبر تأمينها انجازا مهما في وجه المال السياسي وفي مجال التسهيل على الناخبين بحيث تمكنهم من الاقتراع في مناطق سكنهم بدلاً من الانتقال الى بلداتهم وقراهم، هذا عدا ملاءمتها لمسألة احتساب الاصوات وفق طرق المكننة الحديثة.
ومما لا شك فيه ان اقرار المجلس للقانون الجديد اليوم ينهي مرحلة طويلة وشاقة من النقاشات والتجاذبات التي سادت اكان في المجلس النيابي او في الحوارات الوطنية او في الاجتماعات والاتصالات المكثفة التي جرت في الاشهر الماضية والتي كادت ان تولد ازمة كبيرة وتضع البلاد على حافة الهاوية.
وفي قراءة للقانون الجديد وما دار حوله من نقاش ومناورات قبل الولادة ترى مصادر سياسية ان ابرز النقاط الايجابية التي يمكن تسجيلها هي:
– اعتماد صيغة النسبية لاول مرة، وبالتالي تكريس هذه الصيغة التغييرية بغض النظر عن مساوئ اعتماد الدوائر الـ15 بدلاً من لبنان دائرة واحدة او الدوائر الكبرى (6 دوائر).
– التخفيف من وقع المحادل الانتخابية في كل الاحوال، ومهما كانت التحالفات الانتخابية، اذ ان النظام النسبي يفسح بكل الاحوال في المجال امام خرق اللوائح الكبرى في معظم او الكثير من الدوائر.
– ان اقرار قانون الانتخاب بحد ذاته يشكل خطوة مهمة لتخفيف حدة التأزم السياسي الذي ساد في الاشهر الماضية، ويساهم في تحسين او ارساء نوع من الاستقرار السياسي النسبي الذي يؤدي بدوره الى الانصراف نحو معالجة الازمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
ازالة كل الاقتراحات الطائفية المسمومة من نصوص القانون، اكان بالنسبية لاحتساب الاصوات ام بالنسبة للصوت التفضيلي الذي اعتمد على اساس القضاء لكن من دون اي تقييد مذهبي او طائفي.
-اقرار اعتماد البطاقة الانتخابية الممغنطة التي تسهل عملية الاقتراع من جهة، وتوفر مناخات افضل لحرية الاقتراع ولتراجع تأثير المال الانتخابي تحت حجة النقل وغير ذلك.
اما النقاط التي يمكن تسجيلها في خانة مساوى هذا القانون فهي:
– اعتماد الدوائر المتوسطة الاقرب للدوائر الصغرى يزيل نسبة كبيرة من رسم النظام النسبي، ويترك المجال للقوى الكبرى اكان من خلال التحالفات الانتخابية ام من خلال العصبيات الطائفية والمذهبية التي تؤدي دوراً في مثل هذا التقسيم.
– تقسيم بعض الدوائر بطريقة تراعي بعض القوى والمرشحين، وتقترب من منطق المحاصصة لتقطع الطريق على الاحزاب الصغيرة غير المناطقية او بعض المستقلين.
– اعتماد الصوت التفضيلي على اساس القضاء بدلا من الدائرة ما يضيق الخيار. مع الاشارة ايضاً الى ان جهات عديدة طالبت بأن يكون هناك صوتان تفضيليان في اللائحة وليس صوتا واحداً.
– عدم اعتماد معيار واحد في تقسيم الدوائر بحيث ان هناك دوائر فيها عشرة مقاعد ودوائر اخرى لا تزيد عن الخمسة مقاعد.