Site icon IMLebanon

هكذا يبدو “الرئيس القوي” من خارج الاصطفاف ما هي التداعيات المحتملة للاستطلاع العوني؟

… “إنها حرب إلغاء”! هكذا يرى سياسي مستقل الاستطلاع الذي يعتزم رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون تكليف إحدى شركات الاحصاء اجراءه حول انتخابات رئاسة الجمهورية، ويذهب بعيداً اذ يقول ان الغاء الآخرين سيؤدي لاحقاً الى محاولة أحد طرفي “اعلان النيات” الغاء الآخر، اي بعد اعلان نتائج الاستطلاع، ومفادها سيكون حتماً ان العماد عون ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع هما الطرفان الاقوى عند المسيحيين، سيحاول احدهما الغاء الآخر، بمعنى التقدم عليه سياسياً مكرساً نفسه زعيماً للمسيحيين، وهي الخطوة التالية بعد تكريس “الطرفين الاقوى” من على المنبر الاسبوعي لعون في الرابية… وأما الاطراف الاخرى الثابتة والمحتملة في كل استطلاع رأي ذي صلة بانتخابات الرئاسة، فكلها حتما ستكون متضررة من الاستطلاع المذكور ومن نتائجه، الا اذا تم التفاهم على “العينات” التي سيشملها لكي يكون وطنيا شاملاً، لا فئويا او مناطقياً، وعلى عدم اللجوء الى اساليب الضغط على المشاركين فيه باساليب مختلفة… أكيد، لن يكون منتظراً من استطلاع يجري في المختارة، عرين وليد جنبلاط، والشوف عموماً، ان يأتي في غير مصلحته، وهلم جراً وستكون نتائج الاستطلاع العوني موثوقاً بها واكثر جدية اذا شمل كل المناطق والاتجاهات السياسية باشراف جهة جدية محايدة، غير الشركة المكلفة اجراءه، وليس على طريقة الاستفتاءات السعيدة الذكر في أنظمة الـ 99,99 في المئة!

وأياً تكن محاولات تلطيف الاستطلاع وتداعياته المحتملة، فإنها لم تتمكن حتى الآن على الاقل، من طمأنة الثنائي الآخر في “الرباعي المسيحي” المصنف قوياً، أو الاقوى، أي الرئيس امين الجميل والنائب سليمان فرنجيه، و”النقزة” واضحة لدى كل منهما، من “فخ” الاستطلاع… ولو فعل الجميل وفرنجيه ما فعله الوزير السابق جان عبيد الذي يرد اسمه في كل استطلاع رئاسي، عندما نأى بنفسه عن الاستطلاع المذكور “بسبب غياب فرصة كريمة لمرشح توفيقي مستقل”، ولو فعل الأمر نفسه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وقائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، وكل من ورد اسمه في سياق الحديث عن الرئاسة في مكان ما، لكان في الامكان تعطيل اي تداعيات سلبية محتملة لنتائج الاستطلاع العوني.

بالطبع لا مشكلة على الاطلاق عند سمير جعجع، فهو رابح سلفاً أياً تكن النتائج، فـ”الثاني” في الاستطلاع ينافس الاول وحتى في ظل “اعلان النيات” وحسنها، وسيبدو متفوقاً على سائر المرشحين المحتملين، الاقوياء منهم وغير الاقوياء وفق تصنيفات هذا الزمن، وهنا حديث آخر يبدأ بسؤال كبير عن مفهوم القوة لدى المرشح للرئاسة، ولاحقاً عند رئيس الجمهورية، اذ لدى كثيرين من خارج الاصطفافات السياسية في 8 و14 آذار مفهوم آخر للقوة: “الرئيس القوي هو القادر على انهاء حال الانقسام الحاد واقامة الائتلاف السياسي المطلوب ضمن حكومة تشكل فريق عمل لا متاريس سياسية، وكل فاتح على حسابه، والسلطة المتماسكة لا المشرذمة – وللمناسبة فإن خطر انقسام البلاد يبدأ بانقسام السلطة واقتسامها – وهو القادر على الاتصال بكل الاطراف سياسياً وحزبياً من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، وعلى اعادة اسلاك الاتصال والتواصل بين القوى الفاعلة محلياً واقليمياً، نعم لبنان مؤهل للقيام بهذا الدور، وثمة شواهد تاريخية وتجارب سابقة، الرئيس القوي هو من لا يفقد توازنه في الملمات ولا تهزه العواصف، وهو من يكون على درجة عالية من الحكمة والتعقل ولا سيما في الظروف التي نمر بها اذ تحيط بنا العواصف من كل الجهات وفي منطقة “مزروعة عالداير نار وبواريد”، كما جاء في احدى اغنيات فيروز الرحبانية عن زمن الحرب في لبنان وعليه، القوي هو من “يلمّ” البلد، هو صاحب الرصيد المتراكم والذي يحظى بثقة الناس، هو الذي يخاطب اللبنانيين لا فئة منهم… فليتقدم من تتوافر فيه تلك المواصفات، ومبروك لمن يحظى بثقة الناس من خلال ممثليهم المفترضين في مجلس النواب، لا من خلال استطلاعات رأي “غب الطلب”!

ويضرب أحد أصحاب هذا المفهوم للرئيس القوي، مثلاً، هو الرئيس الراحل سليمان فرنجيه الذي لم يكن “الاقوى مسيحياً” بل كان الخامس بعد فؤاد شهاب وكميل شمعون وبيار الجميل وريمون اده، وكانت كتلته النيابية من اثنين: الاب سمعان الدويهي الاقرب الى شمعون، ورينه معوض الاقرب الى شهاب، ولكن فرنجيه اثبت من خلال ادائه رئيساً للجمهورية انه كان الابرز بين الاقوياء، بل اصبح اقواهم في احدى المراحل.

وفي بارقة أمل بقرب انفراج، يرى السياسي نفسه “بوادر اتفاق تلوح في الافق على المستوى الاقليمي رابطا له بالمحادثات الاميركية – الايرانية في فيينا وانعكاساتها المتوقعة على المنطقة عموماً وعلى العلاقات السعودية – الايرانية خصوصاً، ويذكر ان “أجواء مماثلة في المرحلة السابقة آلت الى “الافراج” عن الحكومة وكانت في الاسر، كما هو اليوم الاستحقاق الرئاسي”… ويلفت اخيراً الى ان “انتخاب رئيس قوي بالمفاهيم المشار اليها، وحده يعيد انتظام العمل في المؤسسات، وسيكون في استطاعته اطفاء مشاريع الفتنة الطائفية والمذهبية التي تستهدف لبنان والمنطقة عموماً، وفي استطاعته اداء دور توفيقي على المستوى الاقليمي يصبّ حتماً في مصلحة لبنان”.