الضمانات لا تُطلب من رئيس «المردة»
ما هي الأثمان التي يمكن أن يدفعها الحريري؟
أعادت اتصالات الرئيس سعد الحريري خلال اليومين الماضيين بعدد من الاقطاب، الحرارة الى أسلاك مبادرته بترشيح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، برغم ما رشح عن نتائج هذه الاتصالات من اجواء توحي باستمرار كل من حزبي «الكتائب» و «القوات اللبنانية» على موقفه الرافض او المتحفظ على الترشيح، والمطالبة بضمانات واجوبة على اسئلة، بدا في نظر مقربين من «فريق 8 آذار» انها يجب ان توجه الى صاحب المبادرة اكثر مما الى المرشح.
وبرغم تأكيد الحريري، وفق بيانه بعد اتصاله بفرنجية، على جدية المبادرة، الا انها بنظر فريق «8 آذار» أيضا لا زالت مجرد اقتراح يجب ان يجد له صاحبه الترجمة العملية لتحويله الى مبادرة متكاملة فعلية، بإعلان ترشيح فرنجية رسميا، واعلان خطوط او عناوين او مضامين التسوية الشاملة التي يرغب بتحقيقها، ويدعو كل الاطراف الى جلسة او جلسات نقاش حولها للتوصل الى قواسم مشتركة او تبنى على اساسها مواقف الرفض، الا اذا كان قد سرب بعض عناوين هذه التسوية الى فرنجية والى سمير جعجع او بعض المعنيين جدا بها.
وفي تقدير الاوساط ان فرنجية او أي مرشح سواه، لا يمكنه التعهد بأي ضمانات كالتي يطلبها البعض، او ان يرد على الاسئلة التي يوجهها البعض الاخر، في مواضيع تتعلق بقانون الانتخاب او شكل الحكومة وبرنامجها والحصص فيها وتوزيع الحقائب، والعلاقة مع سوريا، وموضوع سلاح المقاومة، ومسائل اخرى تفصيلية يتم تسريبها، قد تثير خلافات قبل الاتفاق على جنس الملائكة.
وتشير الاوساط الى ان الرئيس الحريري، باعتباره صاحب الاقتراح والمرشح الاول والاخير لرئاسة الحكومة، قد يملك اكثر من المرشح لرئاسة الجمهورية الاجوبة على هذه الاسئلة او التعهد بضمانات معينة. اولا نظرا لمحدودية صلاحيات رئيس الجمهورية في دستور الطائف، وثانيا لأنه عمليا رئيس السلطة التنفيذية، وان كان لرئيس الجمهورية الحق بترؤس الجلسات والاعتراض على جدول اعمال جلسات مجلس الوزراء، عدا عن ان رئيس الحكومة نفسه لا يمكنه التأكد من تحقيق الضمانات او المطالب المطروحة، من دون الاتفاق مع سائر المكونات السياسية للحكومة عليها. لذلك يصبح طرح الاسئلة او طلب الضمانات من فرنجية او أي مرشح رئاسي آخر من باب التعجيز او الرفض الضمني لترشيحه.
وثمة من يذهب ابعد من ذلك ليقول ان لا مصلحة لـ «فريق 8 آذار» ولبعض المستقلين بعودة الحريري الى رئاسة الحكومة، بعد التجارب الفاشلة معه ومع فريقه على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية، كما ان لا مصلحة على المستوى السياسي الأبعد «بإعادة ممثل للسياسة السعودية الى السلطة في لبنان»، نتيجة الصراعات القائمة في المنطقة على سوريا واليمن والعراق، وفي ظل الخلاف الكبير بين السعودية وايران.
كما يقول آخرون ان الحريري بات بحاجة ماسة الى العودة الى السلطة لتركيز اوضاعه المتراجعة شعبيا وسياسيا وماليا، وانه لا يمكن ان يعود الى رئاسة الحكومة الا برئيس للجمهورية من «فريق 8 آذار»، لذلك طرح اقتراحه بترشيح فرنجية واصر عليه، ولذلك ربما قد لا يجد بعض اطراف هذا الفريق مبررا او دافعا او حماسة لقبول اقتراحه، حتى لو كان سيوصل احد اقطاب هذا الفريق الى سدة الرئاسة، والا فأنه على الحريري ان يدفع اثمانا سياسية اكبر واعلى من مجرد طرح اسم فرنجية للرئاسة، وربما تُطلب الاثمان من الراعي الرسمي الاقليمي للحريري.
وثمة من يقول ايضا: بدل ان نقول لفرنجية ماذا نريد منه، يجب ان نقول للحريري ماذا نريد منه وماذا يريد هو من وراء اقتراحه، وما هي الاثمان التي يمكن ان يدفعها، هذا اذا استطاع اقناع حلفائه في «14 آذار» باقتراحه، ومن ثم تحويله الى مبادرة متكاملة.