مِن المتوقّع أن يشهد مسار الحوار بين «التيار الوطني الحرّ» وحزب «القوات اللبنانية» المزيدَ من الخطوات الإيجابية، على وقع الحراك الذي يقوم به أمين سرّ تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ابراهيم كنعان ومسؤول الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» ملحم رياشي، وذلك للاتّفاق على أبرز النقاط التي تهدف إلى تحسين العلاقات المسيحية التي طالما عانَت مِن التشنّج والخلافات والانقسامات.
الحوار بين «التيار الوطني الحرّ» و«القوات اللبنانية» حقّقَ خطوات مهمّة لغاية اليوم، وهو يسير بشكل تصاعديّ وتراكمي وثابت، في ظلّ توَجّه كلّ مِن الفريقين إلى تحسين وضع المسيحيّين التمثيلي وإزالة التوتّر والتنافر اللذين امتدّا لأكثر من 25 عاماً، وإعطاء إشارات تطمينية.
ولذلك، يَجهَد كلّ من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس «التيار الوطني الحرّ» ميشال عون لمناقشة المواضيع كافّةً، بمعزل عن القضايا الخلافية التي ما زالت قائمة بينهما، وقد توصّلا إلى مساحة مشتركة في نقاط مهمّة، أبرزُها الآتي:
أوّلاً، الاهتمام بملف المهاجرين من خلال إقرار قانون حقّ استعادة الجنسية، وفي هذا السياق يَندرج اللقاء بين جعجع ووزير الخارجية جبران باسيل الذي وضعَه بصورة مواكبتِه لهذا الملف.
ثانياً، التوافق على الإنماء المتوازن، خصوصاً أنّ بعض المناطق اللبنانية، وتحديداً المسيحية، تعيش حرماناً حقيقياً، وبالتالي المطلوب تحقيق الإنماء المتوازن ليس فقط للقرى المسيحية، بل لكلّ القرى اللبنانية.
ثالثاً، إقرار قانون انتخابيّ يؤمّن تمثيلاً فعلياً لشرائح المجتمع اللبناني كلّها، خصوصاً أنّ المسيحيين أكثر مَن عانوا تهميشاً على هذا المستوى منذ الوصاية السورية إلى اليوم.
رابعاً، السعي إلى الانتهاء من ملف النازحين السوريين لاستبعاد إمكان تحويله إلى ملف ملتهب شبيه بالملف الفلسطيني، وقد نجحَت الحكومة الحاليّة في رسم سياسات فعلية من أجل تنظيم هذا الملف والحصول على المساعدات المطلوبة للحؤول دون تحميل لبنان أعباءً لا يمكنه تحمّلها.
الرئاسة
فالتواصل القواتي – العوني في حال تقدُّم، وورقة النوايا باتت شِبه منجَزة، وقد بدأت التحضيرات للانتقال إلى المرحلة الثانية المتّصلة بالورقة السياسية. ولكن على رغم كلّ ما يُبذَل من مساعٍ، يبقى السؤال ما إذا كانت تلك المحاولات والحوارات ستؤول إلى إعادة تفعيل الدور المسيحي الأقوى من خلال تعزيز موقع الرئاسة؟
وفي هذا الإطار، تقول مصادر في التيار الوطني الحرّ إنّ «أبرز المواضيع التي من شأنها تعزيز وضع المسيحيين في لبنان هو الملف الرئاسي الذي استغرقَ أشهراً لمحاولة فكّ العقدة التي تَحول دون انتخاب رئيس، ولذلك سيُبحَث هذا الملف بصورة مؤكّدة في الحوار المقبل بين عون وجعجع، وسيدور الكلام بينهما عند النقطة الأساسية المتمثّلة بمواصلة الحوار في كلّ الظروف مهما صعبَت وتعقّدَت، والتمسّك بمبدأ رفض إدخال أيّ فريق ثالث على هذا الخط تجَنّباً لأيّ عرقلة وتشويش.
وتضيف المصادر: «يُعَوّل عون أن يؤدّي الحوار والتفاهم مع القوات إلى عدم وقوف أيّ فريق حجر عثرةٍ في طريق الفريق الآخر، فيما لو توفّرت له ظروف الوصول إلى سدّة الرئاسة، أي ألّا يُستعمَل أيّ فريق لدى أفرقاء معيَّنين لتعطيل وصول الفريق الآخر رئيساً».
كذلك، ترى المصادر العونية أنّ «التيار الوطني الحرّ له كامل الثقة بحزب الله الذي يؤمِن بوصول عون إلى سدّة الرئاسة، ولم يتراجَع يوماً عن دعمِه الكلّي أو يُغيّر في مواقفه حياله، لأنّ عون بالنسبة للحزب هو حليف استراتيجي».
«حزب الله» وعون
وتؤكّد المصادر أنّ «حزب الله يتمسّك بعون للأسباب الآتية:
أ- لأنّ تجربة الرئيس الوسَطي أصابَت الحزبَ أكثر مِن أيّ فريق آخر على الساحة اللبنانية.
ب- لأنّ الحزب معنيّ بإيصال حليفِه إلى موقع الرئاسة ليقينِه بأنّه لن يغدر به تحت أيّ ظرف.
ج- لأنّ العماد عون أكثر مَن يحافظ على المقاومة.
د- لأنّ الحزب مؤمِن بأنّ وصول عون يؤدّي إلى الاستقرار انطلاقاً مِن قدرته على محاورة جميع الأفرقاء السياسيين متخَطّياً كلّ العقَبات.
ه- لأنّ عون يؤمّن تمثيلاً مسيحياً كبيراً، الأمر الذي يشكّل ارتياحاً للمسيحيين المَشرقيين الذين هم في أمَسّ الحاجة اليوم لدفعِِ معنويّ وعمَلي من أجل إعادتهم إلى أرضهم أو تثبيتهم في جذورهم.
ويبقى السؤال حول ما إذا كانت المزاحمة والمنافسة بين «التيار الوطني الحرّ» و»القوات اللبنانية»على رئاسة الجمهورية ستبَدّد هذا الحوار الذي جَمع بينهما.