بعد نجاح «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» في وضع اقتراح قانون استعادة الجنسية على جدول أعمال الجلسة التشريعية المرتقبة، بَدا واضحاً، مبدئياً، أنّ اتفاقهما على أيّ قضية يساهم في إنجاحها، فيما تتجه الأنظار الى اشتراطهما وضع قانون الانتخاب على جدول الأعمال، وإلّا لن يشاركا.
وسط إصرار الرئيس نبيه برّي على استمرار جلسات الحوار مهما كانت الظروف، قد يستطيع الفريقان المسيحيان من خلال تواصلهما، إنقاذ قانون الانتخابات النيابية الذي يصرّان على وضعه على جدول أعمال الجلسة التشريعية في موازاة قانون استعادة الجنسية.
لكنّهما حتى لو ضغطا لفَرض وَضع هذا القانون على جدول الأعمال كشرطٍ للمشاركة في الجلسة التشريعية. يخطئ الظنّ من يعتبر أنّ الانتخابات النيابية هي مجرّد شأن لبناني داخلي صرف، ولا علاقة للخارج به.
أمّا السؤال الأبرز الذي يطرح نفسه، فهو ما الذي تغيّر في «التركيبة اللبنانية» اليوم حتى يقرّ قانون الإنتخاب؟ فـ»القوات» و»التيار الوطني الحر» اللذان يتفقان على أهمية القانون، يختلفان على شكله وتقسيماته.
إذ إنّ الفريق الأول متمسّك بالقانون المختلط الذي اتفق عليه مع تيار «المستقبل» و»الحزب التقدمي الاشتراكي» وبعض المستقلين، أمّا الفريق الثاني فيطالب بقانون انتخاب نسبي وفق 15 دائرة والذي تمّ الاتفاق عليه سابقاً في بكركي، وهو ما يتحفّظ عليه «التقدمي» و»المستقبل».
«حزب الله» من جهته، يطرح القانون النسبي مع الدوائر الكبرى ويصِل الى طرح لبنان دائرة واحدة مع النسبية، أمّا حركة «أمل» فتدافع عن القانون المختلط الذي ينتخب 64 نائباً على أساسٍ نسبي و64 على أساس أكثري، وفي المقابل قد يطرح العماد ميشال عون مشروع «القانون الأرثوذكسي» مجدداً في حال استمرت العراقيل.
وتقول مصادر متابعة للشأن الانتخابي إنّ «السّبب الأساس في عدم وضع قانون الانتخابات على جدول الأعمال هو ارتفاع احتمال عدم تحقيق فريق «8 آذار» مطالبه بما أنّ «القوات» و«المستقبل» و«التقدمي الاشتراكي» يملكون الأكثرية التي تخوّلهم فرض القانون الذي يريدون، علماً أنّ «التيار» مضطرّ للاتفاق مع «القوات» على قانونٍ معيّن لكي لا يظهر أنه تراجع تجاه الشارع المسيحي في ما اعتبره معركته».
وتشير المصادر إلى أنّ «تأمين الميثاقية المسيحية للجلسة لن يتمّ في حال عدم وضع هذا القانون على جدول الأعمال، وهو ضمنياً ما تتمنّاه قوى «8 آذار» للسير في جلسة تشريع الضرورة، أمّا الأهم فهو «الإخراج» الذي يتحدث عنه البعض، باحتمال وضع القانون على جدول الأعمال في حال التوصّل الى اتفاق، شرط ضمان عدم تأمين النصاب اللازم للتصويت. وبالتالي، يسقط القانون مثل القوانين التي سبقته».
وفي هذا السياق، يؤكد مصدر قيادي في «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية، «اننا و»التيار الوطني الحر» لن نشارك في الجلسات التشريعية ما لم يُدرَج قانون الانتخابات الى جانب قانون استعادة الجنسية على جدول الأعمال»، مضيفاً: «فليضعوا قانون الانتخاب على الجدول، والباقي علينا نحن والتيار».
إذاً يصرّ الفريقان على وضع القانون على الطاولة، ولنسلّم جدلاً أنّ مساعيهما تكللت بالنجاح، ما هي الخطوة الآتية؟ ومن سيتنازل لمَن؟
مصادر قيادية في «التيار الوطني الحر» تؤكد لـ»الجمهورية» أنّ «العمل جارٍ للاتفاق على قانونٍ موحّد بين الفريقين، وكذلك الحال مع حلفاء كل فريق»، كاشفةً أنّ الأجواء إيجابية في هذا الإطار.
إذاً ماذا ينتظر «القوات» و»التيار» للاتفاق على قانون انتخاب موحّد؟ ولماذا يترك المسيحيون أنفسهم رهناء الانقسامات الداخلية والخارجية؟ علماً أنّ تمديد ولاية مجلس النواب كان مشروطاً بتعجيل بَتّ هذا القانون. أسئلة عديدة يطرحها الشارع المسيحي الذي بدأ يسأم ممّا يحدث، لكن يبقى التفاؤل بالخير أفضل ما يكمن فِعله، في ظلّ التطمينات التي يرميها كل فريق، والأجواء التي لا توحي بذلك في المقابل.